|
|
|
الجلوبة ماضى ومستقبل العالم
( الجزء السادس )
Globalization,
the Past and Future of the World
(Part VI)
)Site’s Oldest-Newest Page!)
| FIRST | PREVIOUS | PART
VI | NEXT | LATEST |
NEW: [Last
Minor or Link Updates: Sunday, October 03, 2010].
May
29, 2005: A HISTORY MADE AND STILL TO BE MADE: The final steps in the collapse of the criminal institution
so called European Union: its own people vote against it!
April
18, 2004: A HISTORY MADE AND STILL TO BE MADE: The first practical step towards the withdrawal of
Great Britain from the contemporary world institution of communism, the so
called European Union!
In Part V
December
14, 2003: ‘Ladies and Gentlemen, We
Got Him!’ Saddam Hussein should be tried by the American Empire before a
military tribunal. Saladdin should be Guantanamized!
September
30, 2003: Hatred against
America in Arab and Muslim world rises to ‘shocking levels.’ Just the reverse
in those countries occupied by the U.S. forces!
July
22, 2003: Oday and Qusay are
killed but Najaf clerics raise swords against world’s superpower!
July
17, 2003: A HISTORY MADE: Tony Blair establishes the
British left wing as a far right for the American Democratic Party. Wow!
In Part IV
April
17, 2003: The prospects of a really new Arab World
under full, bold and enduring American occupation look so great!
In Part III
April
12, 2003: The new war started
building up, so immediately. The next plain vanilla high-tech war is waiting
for you, Bashar! Also: A Suggestion of a global ‘Rogue
Indicator!’
April
9, 2003: A HISTORY MADE AND STILL TO BE MADE: A great day, the Day of the
Statue!
…
…
In Part II
A HISTORY MADE AND STILL TO BE MADE: March 11, 2003: France threats a ‘veto’ against the
war on Iraq. March 16, 2003: George W. Bush ignores it all and
imposes a ‘moment
of truth for the world.’ March 20,
2003: War on Iraq starts. The
question is just whom to blame of falling down of Yalta order, America or
Arab-Muslim world?
January
30, 2003: A HISTORY MADE AND STILL TO BE MADE:
After only a week after Donald Rumsfeld’s provocative but insightful remarks on
the ‘Old Europe,’ comes the
greatest continent crack since the Cold War: Eight nations to support
the U.S. in war against Iraq, even without a UN resolution. The terrific part
of this is not only the shameful isolation of the leftist France and Germany, but
that it would be the very first declaration of the next United Nations!
October
11-16, 2002: A HISTORY MADE AND STILL TO BE MADE: U.S. decides to occupy Iraq and
assign a new General MacArthur as a military ruler. BUT: Could it work in
Egypt also?
September
20, 2002: A HISTORY MADE AND STILL TO BE MADE: A Manifesto for a New World, the
Declaration of the U.N. Clinical Death or: George W. Bush’ ‘The National
Security Strategy of the United States of America.’
September
12, 2002: A HISTORY MADE AND STILL TO BE MADE: Somebody (except us of course!)
says that the United Nations would deserve the same miserable fate of the
League of Nations. The name? George W. Bush!
In Part I
August
14, 2002: Tensions escalate between
Egypt and the U.S. Is it also a Post-Yalta business?
August
6, 2002: U.S. top strategy planning
agency suggests invading Saudi Arabia!
May
4, 2002: A HISTORY MADE AND STILL TO BE MADE:
March
5, 2002: The U.S. imposes ‘Steel Tariff’
on the world. For the sake of all free trade basics the right imposition should
be a ‘Defense Tax.’
December
13, 2001: A HISTORY MADE: America pulls out of
the ABM Treaty. A pillar of the old world order collapses.
April
23, 2001: Koizumi wins!
Also: His victory from a very personal point of view!
December
19, 2000: Imperialism - Dictatorship -
Monopoly —or the Three Visionaries to Implement the Law of Ultimate Freedom and
Even Their Truest Vigilantes! [Main Entry of
Page].
ê Please wait until the rest of page downloads ê
الجديد
( تابع جزء 1 ، جزء 2 ، جزء 3 ، جزء 4 ، جزء 5 ) :
فى خطوة مفاجئة بالكامل من تونى بلير ، ورغم تأكيده قبل نحو أسبوع فقط ، بل قبل 48 ساعة فقط ، أن الأمر غير وارد ، ورضوخا لضغط طويل من حزب المحافظين ومن عموم الشعب البريطانى ، وافق على إجراء استفتاء حول الدستور الأوروپى ، الذى ستتخذ من خلاله الخطوات العملية لتوحيد أوروپا فى دولة واحدة . من المتوقع على نطاق واسع أن تأتى النتيجة بالرفض [ الاستطلاعات التالية لكتابتنا لهذا جاءت لتؤكد أن لا يقبل ذلك الدستور الأوروپى سوى 21 0/0 من البريطانيين ، واعتقادى أن كلهم من المهاجرين ، هؤلاء الذين يريدون إحضار أقاربهم من أوروپا المتخلفة إلى بريطانيا الزاهرة لا أكثر ، فقبول الانضمام لذلك الحلف الشيوعى يعد فى رأينا من عاشر المستحيلات بالنسبة لأى بريطانى حقيقى ! ] ، ومن ثم ستكون الخطوة الأولى للإنسحاب من تلك المنظمة المشبوهة التى أثبتت وقوفها فى وجه التقدم الحضارى للإنسانية ودعم قوى التخلف والإرهاب والبداءة عبر العالم بكل ما أوتيت من قوة ، بما فى ذلك دعم العروبة والإسلام ، وبما يتجاوز فى فحشه سلفها الأشهر أممية حلف وارسو بقيادة الاتحاد السوڤيتى والتى لم تتسافل إلى هذا الدرك قط . كنت قد كتبت فى صفحة الثقافة قبل قرابة عقد من الآن ، كيف كنت
أشترى الفاينانشيال تايمز وبعض غيرها من الصحف البريطانية يوميا كل تلك
السنوات ، ولم أكن أجد سببا واحدا يفسر لى لماذا تنساق بريطانيا لمثل ذلك
الاتحاد مع أوروپا ولا تتحد مع الولايات المتحدة ، التى تشاركها الثقافة
واللغة والخلفية الپروتستانتية والعرق والچيينات والشموخ الأنجلى . لقد كان
عارا هائلا أن تفكر بلاد الثورة الصناعية وصانعة أعظم إمپراطورية فى
التاريخ ، فى مثل ذلك التوجه ، أو لمجرد أن خطرت الفكرة بذهنها من
الأصل . مع ذلك ، لم يخامرنا شك للحظة أن لن يصح إلا الصحيح فى
النهاية ، والبشرى العظمى اليوم أن ها هى تلك النهاية قد اقتربت ! كيف يفكر بلير ؟ لا أحد يعلم على وجه
اليقين ؟ التصور الأولى أن لديه ثقة فى تحويل الميل الشعبى ومن ثم تمرير
الدستور فى الاستفتاء ، أو ربما فى الضغط على الاتحاد الأوروپى نفسه وهو
يكتب مسودة الدستور . لأنه لو حدث العكس ، وهو مؤكد تقريبا ،
فربما تكون النتيجة هى الاستقالة المؤكدة ، بعد ذلك التاريخ الطويل له
ولحزبه من العمالة لأوروپا . لكن ألا يمكن أن يكون ما يدور بخلده هو ركوب
الموجة على نحو أو آخر أو بالأحرى ، حسنا ! ، العودة إلى جادة
الصواب ، ذلك بعد كل ذلك التاريخ الطويل من الجرائم التى ارتكبها حزب الكدح
فى حق بريطانيا ، وفى حق حضارتنا بعد‑الإنسانية
المعاصرة ، الحضارة الأنجلو‑يهودية .
المعاصرة ولبلير نفسه تراث مهم فى تقويمه بدرجات ملموسة . هذه كانت دوما
سياسته ، بيدى لا بيد عمرو ، ولتتواصل مسيرتنا الناجحة معا ،
الشعب وحزب الكدح . وإذا كان لا بد من الانسحاب من الاتحاد الأوروپى فليكن
أيضا على يده هو ! هذا هو السؤال الكبير الذى ينتظر الإجابة ! اكتب رأيك هنا
طبعا لم نكتب كى نراهنك ( أو نراهنهم )
على انخفاض الأسعار ، ونرجع نقول إحنا عباقرة ، فهذا ( انخفاض
الأسعار وجايز كمان عبقريتنا ) مؤكد جدا جدا ، وحتى ما سمى بانخفاض
درامى النهارده ليس إلا بداية الغيث ، وعيب نتراهن على حاجة زى كده .
إنما نكتب لمناقشة بعض الألغاز ، تمارين عقلية يعنى ، لى ولك . الكل بمن فيهم مسئولى الأوپك ، ظلوا يتهربون
من عقد اجتماع طارئ ، ويعزفون مع الباقين فى الإعلام والسياسة العربية ‑وربما
العالمية‑ نغمة واحدة تقول إن قلة المعروض ليست السبب ، وأن ثمة
أسبابا أخرى لطفرة الأسعار . كلام
فارغ وهراء مطلق . لا أدرى كيف يسوق ’ خبراء ‘ بعضهم يعتبر محترم
جدا فعلا ، حجج من قبيل أن أزمة مصافى النفط فى الغرب هى سبب
المضاربات . أخبط دماغى فى الحيط وأحاول أفهم . لو فيه أزمة مصافى هذا
سيزيد أسعار المشتقات الپترولية لكنه سيهوى بأسعار الخام ويطفش المضاربين
عليه . ما فائدة الخام إذا كان لن يكرر ؟
حتى الهجمات الإرهابية فى العراق والسعودية
مؤخرا ، لا يمكن أن تخدع ذكاء ومعرفة المضاربين المزعومين بحقيقة الوضع وأن
الخطر الفعلى حتى وإن كان واردا جدا إلا أنه لا يزال بعيدا عن لعبتهم ، إن
كانت لهم لعبة . طبعا الكل يعلم
أن الأحوال الأمنية ستسوء فى كل ربوع العالم الإسلامى ، وليس فى العراق أو
السعودية فقط ، وسيسطر المسجد على الشارع وستفتك صواريخ الآر پى چى بكل
الناقلات بكل خطوط الأنابيب بكل منشئات الحياة إن عاجلا أو آجلا ، ذلك قبل
أن تبدأ أميركا فى معالجة الأمر جذريا . إلا أن فى عرف المضاربين الذين
يحسبونها بالعشر دقائق ، هذه أمور ليست وشيكة بحال ، ناهيك أنهم
اعتادوا على وضعية الهجمات هذه منذ فترة . ببساطة السبب حاجة واحدة : الطلب
( الحقيقى ، من غير مضاربات ) تسارع جدا فى الشهور
الأخيرة ، وبيقولوا من الصين بالذات ( طبقة وسطى بقى ، وبيركبوا
عربيات موش أتوبيسات ) ، هذا بينما الأوپك تتلكأ فى زيادة
الإنتاج ، وتقول بعبط أنه لن يفعل شيئا فى الأسعار . هذا التلكؤ هو
السبب وما فيش أى سبب تانى . وزى ما بيقولوا لو المتكلم مجنون المستمع
عاقل . حد خسران من زيادة الخير خيرين ؟ فرصة لا تعوض : زودوا الإنتاج وضاعفوا دخولكم طالما
متأكدين بالقوى كده أن الأسعار موش هتنزل !
مع ذلك أكيد الموضوع فيه
سر . لماذا تأخر قرار الأوپك على هذا النحو
المفضوح ؟ هل فقط طمعا فى اختلاس بعض الربح تحت الحزام شهر أو شهرين ؟
كسر اتفاقات الچنتلمان مع الغرب حول الحدود التى يتراوح فيها سعر الپترول هو
مقامرة كبرى لأنها خطر جدا على الاقتصاد العالمى ، وجايز على المجرى الطويل
تلغى الطلب خالص عليه ، زى ما لغت الكهربة لمبات الجاز من بيوتنا ،
هتلغى كمان عربيات الجاز من الشوارع ، وكل الطاقة هتبقى نووى فى
نووى . ده بالذات لو أثارت مقامرتهم هذه غضب شركات الصناعة أو الطاقة إللى
لسه بتسخدم الپترول ، أو فتحت شهية شركات صناعة السيارات للتحول عن لعبة لى
الذراع هذه أو وضع الإصبع تحت ضرس الآخرين كما يقال عندنا . وهم ‑أى
الأوپكيون‑ أول من يعلمون ذلك ( طبعا إن استبعدت شاڤيز وخامنئى إلى بيفرحوا بخراب
الدنيا وخراب شعوبهم طالما فاكرين أن الموضوع فيه خراب أميركا ) ؟
[ على فكرة بعد كام يوم لما جت صورة
بوش بيسوق للياور عربية كهربا 5 راكب ميه ميه ،
احترنا نحطها مع موضوع الياور فوق الكلام ده بكام سطر ، ولا نحطها
هنا . لكن بسرعة فهمنا أن بوش ركبها علشان الموضوع ده موش دكها . كل
إللى عملناه أن خلينا التعليق ع الصورة يمشى مع الموضوعين ! ] .
الجزء الواضح من السر أن الأمير عبد الله يرسل رسالة للرئيس بوش فى سنة الانتخابات
يذكره فيها بصداقتهما القديمة ، وبأن من شيم علية القوم أن يهبوا لنجدة
بعضهم البعض فى وقت الأزمة ، لا أن يقرعوا بعضهم البعض علنا أمام حثالة
الناس . لا تذهب بعيدا وتتخيل أنه كان يريد إسقاطه
فى الانتخابات ، وإن كان واضحا أن باستطاعته تقريبا هذا ، وربما كان
الوحيد فى العالم القادر على هذا فعلا . ذلك يفوق أى خيال ، ومؤكد
السعودية فى موقف أصعب من أن تهذر حتى بالتلويح بمثل هذه الكوابيس
المرعبة . ثم مين محترم أو نصف محترم ها يستحمل التعامل مع واحد زى چون كيرى كل يوم بعشر كلمات ؟ على فكرة هو واحد من إللى
صوتوا لصالح شن الحرب . جايز ما كانش فى وعيه ساعتها ، لكن اوعوا
تنسوا أنه عمل كده فعلا . أما كلامه الكتير كل يوم والمتخبط جدا ، فهو
انتقادات فى انتقادات تساوى انتقادات تربيع ، كل هدفه أن يوحى بأنه بيفهم
فى الستراتيچية زى رامسفيلد ، وفى العقل العربى زى وولفوويتز ، وفى
الاقتصاد زى تشينى ، وهكذا . أيوه ، بعشر كلمات
فعلا ، ويقصدها فعلا ، وليس كبوش الذى يضطر للتنازل أحيانا ،
وواضح أنه لا يفعله إلا فقط أمام الإعلام ، وفقط لتمرير العواصف
مؤقتا ، مع كل مرة هجوم جديد شرس عليه . أما مواقفه الحقيقية ‑ودى
أراهنك عليها زى ما أنت عاوز‑ فستعود كلها ’ كما كنت ‘ غداة 2
نوڤمبر . ساعتها ‑والرهان لسه ماشى‑ إللى بيلعبوا بالنار زى إيران ، إللى واخداها
السكرة وتكاد الآن
تريد الإيحاء بملكيتها للسلاح النووى ، وإللى فاكرة أن بوش اتهزم وهينسحب
من العراق ومن البيت الأبيض ومن الدنيا ، وموش واخده بالها إنها كلها إشكال
انتخابات ، إللى زى دول هيدفعوا بعد 2 نوڤمبر تمن حساباتهم الغلط
غالى جدا جدا جدا ! فاكرين موقفهم قوى وبوش فى مستنقع وهينسحب قريبا بدليل
أن كيرى قال زمان إنه هيسحب قواته من العراق فى ست شهور . بتوع العمم
السودا دول موش واخدين بالهم أن بوش عاوز يسحب قواته فى ست ساعات ، علشان
يبعتها لهم ولأقزامهم فى سوريا ولبنان . نظريتى عن الأمير عبد الله [ إللى ممكن فى كل
الأحوال وبكل الحب تكون اتبعت له عربية الكهربا هدية ، نظريتى ] عكس
كده خالص ، وهذا هو الجزء الخفى ربما من السر . هذه النظرية التى
أطرحها على محك اختبار الزمن تقول إن السعودية كانت فى حاجة ماسة لذلك المبلغ الكبير جدا من المال الذى حققه فرق
الأسعار الشهرين الماضيين . قيادات أميركا كانت تعلم هذا وتواطأت فى
قبوله ، كنوع من الضريبة غير المباشرة على مواطنيها بالذات بعد ما اطمئنوا
على انتعاش الاقتصاد ، ذلك خدمة لمصالح عليا أهم . هذه ربما تكون صفقة
ضخمة لشراء السعودية شىء ما من أميركا ؟ شىء يخص حربها ضد الإرهاب
مثلا ؟ أسلحة مثلا ؟ كل شىء جايز . لكن إللى موش جايز أن الناس
المحترمة تتكلم كلام غير علمى خالص ويضر بسمعتها ، من غير ما يكون فيه سبب
كبير جدا جدا لكده . على فكرة إللى موش جايز كمان أن شاڤيز ولا خامنئى
يكونوا فاهمين أى حاجة فى أى حاجة ! اكتب رأيك هنا
[ سپتمبر 2004 : تأملات إضافية : طبعا لم تمض أسابيع على ذلك وزال تقريبا كل غموض الصورة ، وإن
كان بعض التضليل لم ينته . المسألة الآن عرض وطلب محضين . لا أحد
يراوغ ولا يساوم وهما أو حقيقة ، بدءا من الأمير عبد الله حتى شاڤيز .
السوق وحده هو الذى يحدد السعر دون تدخلات قصدية سياسية بالذات . حتى لو
كان لبعض المضاربة دخل ، فهذا هو مبرره أكثر منه ما استجد بالذات فى سپتمبر
من سلسلة مشاكل متعاقبة كأعاصير خليج المكسيك واضطرابات فى نيچيريا .
العامل الحاسم ليس أى من كل هذه العوارض . الاقتصاد العالمى ككل ينمو باسرع
مما توقع احد . بالأخص الاقتصادين الأميركى والصينى . الأوبك ترتج
حفاراتها وهى تشتغل بكامل طاقتها دون جدوى ، وسعر الخام الأميركى استقر
نهائيا فوق الخمسين دولارا ، ولن يحدث أى شىء يمكن أن يعيده دونها ،
إلا كساد فجائى هائل ( بسبب سقوط نيزك هائل فوق الصين أو كاليفورنيا
مثلا ! ) . عدا ذلك فالمحتمل أن يزيد السعر لا أن يقل . نضيف بعض
التأملات فى الشأن الپترولى واحدة قديمة ، والبقية من وحى اليوم : - أما القديمة فهى كما جاءت فى
صفحة الثقافة : سعر النفط فى باطن
الأرض لا يجب أن يزيد عن الصفر . وفيها قلت أيضا إنك قبل أن تعارضنى أذكرك
أن هذا كلام ماركسى جدا ، فهو لم يكن يعترف بشىء اسمه الريع ويعترف فقط
بالقيمة المضافة ، وهى فى حالتنا هذه تقنية الاستخراج زائد الشغل التقانى
فيه سواء كان من أجانب أو من السكان الأصليين ، أو طبعا وهو الأهم القيمة
المضافة من الفكرة نفسها أى اختراع آلات تستغل تلك المادة السوداء اللزجة
التى طالما اعتبرها أجدادنا نقمة تقتل الأرض الزراعية لو ظهرت بها ! فقط
نضيف إن سعر الپترول سنة 1973 كان ثلاثة دولارات ، قفز إلى 12 دولارا دفعة
واحدة . - إذا كانوا يقولون إنهم يفجرون
آبار وخطوط الپترول فى العراق والسعودية ويقتلون ويخطفون من يشتغل فيها ،
بهدف تدمير اقتصادات هذين البلدين زائد طبعا الاقتصاد الأميركى . فما رأى
عباقرة تنظيم القاعدة إذا كان أكبر مستفيد على وجه الأرض من ارتفاع أسعار
الپترول للضعف دفعة واحدة هم آل سعود خصومهم الأصليين جدا ! طبعا لا أستبعد
أن يخرج علينا جهابذة نظرية المؤامرة بنظرية مؤداها أن الموساد هو الذى يقوم بكل
تلك التفجيرات ، فعندهم اسأل دوما عن المستفيد ، ولا تسأل أبدا عن
الغبى الذى يجعل عدوه يستفيد ! إذا كان 11 سپتمبر من صنع الموساد ،
فهل هتصعب عليهم دى ؟ - بعد اتضاح تلك الحقائق الجديدة
وأن لا مؤامرة لأحد ضد أحد ، لم يعدم جهابذة نظرية المؤامرة الوسيلة
للتذاكى . قالوا بل هى مؤامرة أميركية لبيع الپترول بسعر باهظ لدول
كالياپان وألمانيا والصين . برضه أخبط دماغى فى الحيط ولا أفهم .
أميركا تستهلك أضعاف هؤلاء ، بل تحديدا تستورد أكثر منهم بمراحل ،
ففيم مصلحتها فى رفع السعر ؟ شوف أنت ! الشق الوحيد الصحيح فى هذا
الكلام أن مسئولية تأمين إمدادات
العالم من الپترول باتت بالفعل مسئولية أميركية ، سواء سياسيا أو أمنيا أو
تقنيا ، ونعتقد أنها حارس أمين بالفعل وسيسعد العالم بأدائها للمهمة على
أفضل وجه ! - الصين ربما قصة مختلفة بعض الشىء
عن الياپان وألمانيا وطبعا أميركا . ما تستهلكه حاليا لا يمثل قلامة ظفر من
استهلاك العالم الغربى . مع ذلك هى تنمو بسرعة وشغيلتها ينتقلون للطبقة
الوسطى ، لا نقصد ما قلناه آنفا من حيث شراء السيارات والإنفاق
الترفى ، إنما نقصد من حيث ما يكلفونه للصناعة من أجور . انخفاض أسعار
منتجات الصين التقليدى كان ياتى من كونها تصنع تلك السلع بأجور تكاد تصل لمستوى
السخرة . بالتالى المتوقع الآن أن ترتفع أسعار السلع الصينية بنسبة ملموسة
بسبب ضغوط تكلفة الطاقة وأجور الشغيلة . لكن المؤكد أنهم لن يتوقفوا عن
إنتاج هذه السلع والعالم لن يتوقف عن استيرادها رغم تلك الأسعار الأعلى نسبيا .
إذن المحصلة أن لن يوقف أحد النمو الصينى ، ولن يوقف أحد رغبة شباب الصين
فى امتلاك السيارات ، وغالبا الحل - پترول العراق ليس جزءا من المشكلة بل جزء من الحل . تخيل ماذا كان سيكون حال أسعار النفط وكل آبار الدنيا تشتغل الآن
بكامل طاقتها ، وكان لا يزال پترول العراق تحت يد صدام وبرنامج النفط مقابل الفساد التابع للأمم المتحدة ، أو
كيف كانت ستحل أميركا مشكلة موارد العالم من الطاقة فى المستقبل لو لم
تكن تحتل العراق الآن ؟ بدلا من ذلك يقولون فى ربط
ساذج مباشر أخطل إن التوتر فى العراق هو سبب وصول سعر البرميل الأميركى لخمسين
دولارا هذا الأسبوع الأخير من سپتمبر 2004 . الحقيقة أنه لو وصل سعر البرميل بعد عام لمائة دولار ،
فإنه بدون احتلال العراق كان سيصل لمائتين . پترول
العراق موجود الآن فى قبضة أميركا بدرجة معقولة رغم كل الصخب حول الأوضاع
الأمنية . بالذات حقول المنطقة الكردية تمكن بل تجب تنميتها بأسرع وقت
ممكن ، بما فى ذلك الحاجة لإنشاء خطوط أنابيب جديدة ( مدفونة تحت
الأرض مثلا كالتى نرى إسرائيل أقامتها فى سيناء لاستيراد الغاز المصرى ، أو
أية أفكار أخرى للتأمين يبتكرها من هم أخبر بالأمر ) . هكذا سيكون
احتلال العراق كما تمثله الجميع قبل سنوات أو
ربما عقود قد أتى مردوده الستراتيچى الحقيقى سريعا . ( طبعا إسقاط
ريچيم طهران وضم إيران سريعا لمعسكر الحضارة سيفتح آفاقا هائلا أخرى للاستثمار
فى استكشافات جديدة ، والمؤكد أميركا أدرى من الجميع بأين توجد احتياطيات
الپترول عبر الجلوب ، ومن ثم هى الأدرى بما يجب فعله ) .
- الحلول ( باستثناء پترول العراق والاستثمار فى حقول
واستكشافات جديدة عبر العالم ) : 1- حان وقت رفع الضرائب التى تفرض
فى الدول الغربية . هدف هذه كان عدم التشجيع على استخدام النفط لأنه ملوث
للبيئة ، ومن ثم ذو كلفة جانبية . فماذا لو كان هو باهظ الثمن أصلا
بالنسبة لمصادر الطاقة المحتملة الأخرى ، وعوامل السوق كافية وحدها لتحجيم
التضخم فى استهلاكه . 2- مصادر الطاقة المحتملة الأخرى
هذه حل مهم . لا بد من إطلاق التقنية النووية لآخر حدودها . هذا
سيأتينا فى نهاية المطاف بكهرباء معقولة السعر ، وطاقة أكثر أمنا وأقل
آثارا جانبية . 3- التسريع بتنمية وإنتاج السيارات
الكهربية وما إليها . 4- إن مجرد حرق أغلب الوقود فى
محطات القوى ومن ثم توزيعه على السيارات ككهرباء فقط ، سوف يحل ثلاثة أرباع
المشكلة . أولا لأن الحرق سيكون بكفاءة عالية جدا لا ينتج سناجا ولا أول
أوكسيد كربون ومن ثم يستخلص الطاقة تقريبا حتى آخر سعر فيها ( البخار نفسه
يخرج باردا معتصرا حتى آخر قطرة طاقة فيه تقريبا عند حرارة الجو ، بينما
كفاءة محركات الاحتراق الداخلى فى السيارات ذات كفاءة حرارية متدنية
جدا ) ، وبالإجمال ذلك سوف يهوى بنسب الطلب على الپترول فى أضعف تقدير
للخمس أو حتى للعشر . وثانيا لأن نقص المكونين المذكورين من الجو سيؤدى
لتخفيف معظم مشكلة الاحتباس الحرارى لا سيما وأن أغلب الدراسات الحديثة تتجه لأن
السناج الأسود وليس ثانى أوكسيد الكربون هو السبب فيها . 5- الاندماج النووى هو الحل الغائى
لسياسات الطاقة فى عالم المستقبل ، وقد بدأت بالفعل البحوث القاعدية
لمفاعلات الاندماج فى مشروع ذى شراكة دولية . لكن الواضح أن المستقبل
التطبيقى أو المجدى اقتصاديا لا يزال بعيدا جدا ، وإلا كانت الشركات
الأميركية الكبرى نفسها قد بادرت إليه ولم تتركه للأمم المتحدة وفرنسا .
ونقصد بالمستقبل ليس بالضرورة يوم تدور سيارتك بمحرك يقوم فى داخله بذات ما
تفعله الشمس ، تزوده بحفنة من الهيدروچين تديره لك مدى الحياة وفقط يخرج لك
جزيئات الهيليام كعادم ، إنما على الأقل يوم تنتشر تلك المفاعلات
الاندماجية العملاقة لتمدنا بالطاقة الكهربية الرخيصة دون أى من تلك المخاطر
الإشعاعية ولا تحتاج حتى لمدد من أية مادة خام كاليورينيوم أو غيره . 6- جميع الحلول السابقة أصبح
يغطيها سقف أمان من أسعار الپترول العالية . كل الاستثمارات التى ستنفق
فيها مهما كانت هائلة ستعطى مردودا مؤكدا . - إذن ‑أخيرا‑ المؤكد أن أحدا لا يريد التشبث بالپترول ،
هذا الشىء الذى صنع لنا الخومينى وبن لادن وصدام وشاڤيز وپوتين وارتفاع
حرارة الأرض . لكن لا حل لهذه المعضلة سوى بذات الداء الذى يداوى كل الداءات :
التقنية وإطلاق قوى السوق ! نعم ، السبيل لبراء عالم الثورة
الصناعية من مرض إدمان الپترول هو عينه السبب فى هذا الداء :
التقنية . والسبيل للتقنية هو عينه السبب فيها كداء : إطلاق قوى
السوق . وإن فشلت التقنية فلا حل إلا هو المزيد من التقنية ، وإن فشل
إطلاق قوى السوق فلا حل إلا المزيد من إطلاق قوى السوق ! الصحافة
الأميركية اليسارية ككل كما تعلم ، باختصار :
رفع الأسعار لذرى غير مسبوقة مرحلة لا بد من المرور بها ، قبل أن يتحقق
الوعد الكيسينچرى بأن نجعل العرب يشربون پترولهم ! ] .
الواقع أن رغم الضجة الكبرى التى صاحبت هذا ،
وتوالى تعليقات زعماء الحزب الديموقراطى وغيرهم ، ورغم أن ما حدث تاريخى
فعلا لأنه يلغى أوضاعا استقرت منذ الحرب العالمية الثانية والحرب الكورية ،
إلا أنه من حيث الجوهر لا شىء جديد بالمرة ، وكانت خطوة متوقعة
تماما . الستراتيچيات نفسها قديمة ومعتمدة من الكونجرس قبل شهور
( كتبنا عنها فى
حينها ) ، والمبدأ القاعدى لكل سلسلة إعادات الهيكلة العسكرية
( معروفة ونكتب عنها منذ خريف 2002 ، هنا وهنا مثلا ) هذه هو
المبدأ الرامسفيلدى التقليدى الليونة flexibility والتقييس scalability ، أى الكيف لا الكم
وسرعة الحركة والتقنيات العالية …إلخ ( أما هذه فترجع لسنوات كثيرة وإن كنا
قد تنبهنا لها كما كل العالم فى أحد أيام الثلاثاء من شهر سپتمبر 2001 ) . إذن السؤال هو أى
مؤشر يمكن أن يفيدنا فيه القرار فى تقدير المستقبل القريب . مع الاستخفاف
الواضح بكوريا وتركها لجيرانها يهذرون معها يمينا ويسارا ، ويسيرون معها
تحت علم واحد فى افتتاح الدورة الأوليمپية ، فالأولوية الواضحة الآن هى
لإيران وسوريا ، وكل شىء يعد لهما بالتحديد ، وساعة الصفر تقع فى مكان
ما بعد 2 نوڤمبر القادم ، البعيد جدا ! أو كما تقول المغنية
شيرين : صبرى قليل ! اكتب رأيك هنا
كالمتوقع سيخرج علينا كولين پاول غدا صباحا
( هذا إن استأسد لأقصى ما عنده وقرر الإلقاء بتهديد مبطن ) ،
ليقول إن الولايات تدرس الآن مدى إمكانة استمرار التعاون مع السيد عنان لو طلب
تجديد خدمته لمرة ثالثة ، أو ربما حتى يعفيه من الحرج أن لا تكون هناك مدة
ثالثة أصلا . أما السؤال الحقيقى فنوجهه لشخص آخر : إلى متى سيظل چورچ
دبليو . بوش يترك هؤلاء المجرمين المتواقحين من بيروقراطيى الأمم المتحدة
ووفود الدول المارقة بها بدءا من فرنسا وروسيا والصين حتى بلاد العروبة والإسلام
قطاع الطرق ، يمرحون تحت سمعه وبصره فى نيو يورك دون اعتقال أو
محاكمة ؟ هل هؤلاء أقل من صدام حسين تورطا فى الإرهاب العالمى ؟ أذكر
الرئيس بوش فقط بأن من حسن الحظ أن ولاية نيو يورك تطبق عقوبة الإعدام ! اكتب رأيك هنا
تابعت اليوم ‑رغما
عنى ربما‑ اجتماع قمة العصابة اليسارية الدولية المسمى ’ مؤتمر قمة الأمم المتحدة لزعماء العالم ضد الجوع
والفقر ‘ . فكما تعلم الإعلام اليسارى الممسك
بتلابيب القارات جميعا يقصفك بأخبار العصابة وكأنها الأخبار الوحيدة فى
الدنيا ، تماما كما يقصفك الإعلام العربى بأخبار الزعيم 24 ساعة
يوميا . فى البداية قلت لنفسى إن لم تستح فافعل ما
شئت ، زمان كانوا بيعملوا مؤتمرات اسمها الاشتراكية الدولية ، ودلوقت
بيعملوها عينى عينك فى الأمم المتحدة فى نيو يورك ، نفس الشلة إياها بس
بيجتمعوا فى ضيافة كوفى عنان ، يعنى فى ضيافة دافع الضرايب الأميركى
والياپانى ، بدل ضيافة أهاليهم زى زمان . المدهش مع ذلك أن أثار الموضوع نفسه اهتمامى شيئا
وفشيئا ، قلت لنفسى يا واد هنشوف ثالوث كبير الماركسية بحرى وقبلى وشرقى
وغربى ، شيراك ودا سيلڤا والصبى الجديد زاپاتيرو ، بعد كل إللى
جرى فى الدنيا السنين إللى فاتت ، حيجيبوا حل إيه للجوع والفقر .
المدهش أكتر إنى ‑ومع الاعتذار للحمير‑ طلعت حمار كبير . عارف
إيه الحل ؟ شيراك خلص الموضوع
فى كلمة : ضريبة عالمية . ومين إللى هيدفع ؟ مين غيرهم ؟ أميركا والياپان طبعا ، أو أميركا بالذات لأنها أكتر واحدة ‑على الأقل قد كل بقية الدنيا‑ عندها
عربيات وطيارات وكروت ائتمان وبيع سلاح ، الحاجات إللى عاوزين يفرضوا عليها
ضريبة ! يعنى كل الدنيا تخلف عيال زى ما هى عاوزة ، وبعدين تقول
حاربوا لنا الفقر ، وترمى الفاتورة على البلاد اليمينية إللى عايشة
بالمنافسة وإللى الفقرا فيها بيموتوا من غير ما يعلوا صوتهم وإللى ما حدش بيخلف
فيها أصلا . حمار طبعا لأنى كان لازم أعرف من الأول أن ما فيش
حاجة جديدة . تمخض الجبل فولد فأرا ، أو الأدق لم يلد شيئا ،
أخرى الخراء المعتاد . فى نظر اليسار كلمة الضرايب والجباية هى الحل الأزلى
الأبدى والسحرى لكل مشكلات الكون . ما عندهوش غيرها . بلطجية وقطاع
طرق ، زى العرب بالظبط . غيرك يشتغل ويعمل فلوس وأنت تاخدها ع الجاهز .
لكن إللى ما تخيلتوش أن اختفى بالكامل من وش هؤلاء أى ذرة من حمرة الخجل ،
زى العرب برضه . كلهم عصابة
واحدة ما فيش فايدة . بعد أن حاربوا وسبوا أميركا لعقود ليلا
نهارا ، وبالذات اليومين إللى فاتوا من ساعة ما جه بوش ، أن يعودوا
ليمدوا يد الاستجداء منها ، بل واستجداء سافل هذه المرة : زمان كانوا بيقولوا معونات ، دلوقت سموها
ضرايب ! استنى ! لسه فيه ’ إن لم تستح ‘
تالتة . المبلغ نفسه ! 50 بليون دولار إيه إللى هتقضى ع الفقر
دى . ديون العالم التالت وحدها قد الرقم ده 30 أو 40 مرة ، وكلنا
عارفين أن حتى لو عفوهم من كل الديون هيمدوا إيدهم يستلفوا غيرها . هنا تكمن ’ إن لم تستح فافعل ما شئت ‘
إللى بجد ، وإللى تغيظ . لما أنتم موش عارفين تأكلوا نفسكم كنتم طردتم
الاستعمار ليه ؟ ارحمونا بقى ، إللى عاوز يقضى ع الفقر يقضى ما حدش
منعه ، إللى عاوز ينمى نفسه ينمى ما حدش منعه ، وإللى عاوز يأكل يأكل
من عرقه أو يروح يموت من سكات . كفايانا صداع بقى ، وسيبوا إللى عاوز
يشتغل يشتغل ! … يا سفلة ! اكتب رأيك هنا
بينما نتابع بغيط ترهات الديموقراطيين ينتقدون حرب
العراق فى كل اتجاه ، تخرج علينا من حين لآخر بعض الأصوات الجادة التى تريد
القول إن الموضوع أكبر من تلك السفاسف التى تتحدثون عنها كعجائز الفرح كما يقال
عندنا فى مصر ( آخرهم مثلا دونالد
رامسفيلد اليوم
حول هل ثمة علاقة واضحة بين صدام حسين والقاعدة ، ولا شك لنا أن نتخيل قدر
ما يعانيه رجل مثل رامسفيلد من إحساس بالغبن ، وهو شخص يقوم بتغيير كوكب
كامل وقيادته نحو غد جديد كلية ، ولا يلقى أى تقدير ، وعادة ما يعامل
كأنه مجرم فى قفص عليه أن يقدم مسوغات براءته كل صباح ( فى الحقيقة ربما لا يكون هذا هو شعوره
بالضبط ، فهل ينقل لنا دوما أكثر منه ذلك الإحساس اللذيذ الساخر بكم هم
تافهون هؤلاء الساسة وأن عليهم أن يكفوا عن الكلام ويتحولون لعمل شىء
مفيد . ثم أن طبعا كلام رامسفيلد نفسه قد يصبح مفيدا انتخابيا لو حدث وساءت
الأمور فجأة ، ساعتها سيكون الاستشهاد به شيئا رائعا لكل فريق
بوش ! ) . أو قبل أيام ، كما
تابعنا فى صفحة الإبادة ،
كان هو نفسه صاحب الكلام المثير للجدل حول هل ستتم الانتخابات فى كل العراق أم
لا ، وكان كمن يلقى بالقفاز فى وجه من لا يرون الخشبة فى أعينهم ويتعامون
عن الصورة الكبيرة ويتمحكون فى الفرعيات والتوافه . كيرى يتحدث الحكمة بأثر رجعى ، ويقول إن شيئا
لم يكن سيجرى خطأ منه ( انظر متابعتنا لمناظرته الأخيرة مع بوش فى صفحة الليبرالية ) . لكن
على الأقل لا يسأل أحد مثلا ماذا كان سيكون حال أسعار النفط
وكل آبار الدنيا تشتغل الآن بكامل طاقتها ، وكان لا يزال پترول العراق تحت
يد صدام وبرنامج النفط مقابل الفساد التابع
للأمم المتحدة ، أو كيف كانت ستحل أميركا مشكلة موارد العالم من الطاقة
فى المستقبل لو لم تكن تحتل العراق الآن ؟ بدلا من ذلك يقولون فى ربط ساذج
مباشر أخطل إن التوتر فى العراق هو سبب وصول سعر البرميل الأميركى لخمسين دولارا
هذا الأسبوع ! ) .
پول بريمر بعمقه وصراحته ورؤيته الإمپرالية
الشاملة ، خطا قيما نقلته عنه الواشينجتون پوست اليوم
أيضا ، خطا بالأمور خطوة أبعد ، رغم ما قد يلوح من أن هؤلاء
الديموقراطيين سوف يهللون ويطبلون أن أحدا قال إن ثمة خطأ قد ارتكب ، أو أن
ها قد شهد شاهد من أهلها . المهم ما هو هذا الخطأ ، أو كما اعتدنا WWW ؟ هل يقال بهدف التهييج
والتحريض ، أم يقال للفهم والتحليل الأعمق . لو أنت تتابع كثيرا
جهابذة مراحيضنا الإعلامية لعلك تتوقع أن يعترف بريمر بأن قراره فى 23 مايو 2003
بحل الجيش العراقى كان قال إن أميركا توقعت أن تحدث أزمة إنسانية ونزوح
جماعى وأشياء من هذا القبيل . هى خططت للسلام فعلا ، لكنها خططت
لأشياء لم تحدث . أما ما حدث وهو العصيان الدموى ، فلم تخطط له .
كما كان أكثر تحديدا وقال إن الثمن الباهظ يرجع فى معظمه لأن لم تمنع عمليات
النهب الأولى ، لأنها هى التى خلقت إحساسا شاملا بمناخ من انعدام القانون
كان له تداعياته . وخلاصه ما يفهم من رأيه أن لو كان ثمة عدد كاف من القوات
فى الأيام الأولى لسارت الأمور على ما يرام بعد ذلك .
جميل جدا . طبعا ! لكن هل هذا يحل كل
شىء ؟ الخطأ إذن أنهم توقعوا الورود والأحضان ولم يتوقعوا القنابل فى
الصدور . المفارقة أن كلا الأمرين حدث فعلا ، وأشك أن أحدا فى الغرب
يكمنه أن يفهم كيف يصدر ذات الأمرين من نفس الأشخاص فى غضون أسابيع أو ربما أيام
قليلة . الإجابة التى لا مفر منها هى طبعا الچيينات . بريمر اقترب من
إيضاح كل شىء ، لكن الخطوة الأخيرة لم يكن صريحا فيها بما يكفى ، أو
ربما لا يعرفها . هذه شعوب سامية ، لا تعنيها التنمية ولا حتى كل
الحياة الدنيا إذا كانت ستمس الكرامة والتيمايوس ونمط الحياة الكسول
( بمناسبة النهب الذى جرى هل تعرف ما هى أشهر شخصية عراقية يعرفها مئات
الملايين من أطفال الغرب . إنها علاء الدين ذى المصباح السحرى . هل
تعرف ما هى وظيفته ؟ لص ! ) . بالتالى هى تحتضنك اليوم
وتقبل أياديك ( هل تذكر
تلك الصور ؟ ) ، وغدا تقتلك . لا غرابة ولا غضاضة .
الفكرة أنها شعوب تشنجية يسهل اختطافها بواسطة التحريض . ما أسهل أن يرفع
أحدهم شعار رابطة الدم أو القبيلة أو مؤخرا بمصطلحات أيمن الظواهرى عقيدة الولاء
والبراء ( إلى آخر مصطلحات ملأنا بها ما يعادل كتابا كاملا اسمه هنا المدخل الرئيس لصفحة الثقافة ) ، حتى يجرى
الجميع وراءه فى غمضة عين . الحل ؟ لا نعرف بالضبط . ما يوحى به
بريمر من غلطة ، ربما ما كان ممكنا تداركها حتى مع اعتماد هذا
التحليل . بغداد سقطت بسرعة ، وتومى فرانكس اندفع كما السكين فى
الزبد . وحتى لو كان النهب موضوعا فى الحسبان ، لما وصلت مئات الآلاف
من القوات واتخذت مواقعها قبل يومين أو ثلاثة فى أقل تقدير ممكن . ربما
كانت تحجمت الأمور ، لكن هل كان هذا سيمنع قيام الانتفاضة على المجرى
البعيد . نشك كثيرا . كلام بريمر أسعدنا لأنه كان أقرب الجميع للبحث
فى كنه المشكلة ، إنسان رائع محترم جاد لا تهمه السياسة ولا الدعاية ،
فقط الفهم الأكاديمى والتحليل المتعمق . لكن لا تزال هناك خطوة ناقصة نحو الفهم
الكامل : أن تحديث هذه الشعوب
وانخراطها فى مسيرة الحضارة ، يحتاج لما هو أكثر حتى من مصباح علاء
الدين . ربما إلقاء بعض القنابل النووية هنا وهناك قد يفيد ! … وقد لا يفيد ! … اليوم أيضا خبر
محزن لكن ليس ببعيد عن مسيرة الجلوبة المظفرة التى نتحدث عنها فى هذه
الصفحة : رحيل ويلليس هوكينز مصمم طائرة النقل الحربية سى‑130
أو الهيركيليس . هذه الطائرة الهائلة التى تصلح
لنقل الجنود والعتاد على حد سواء ، واحدة من طرازات قليلة للغاية لا تزال
فى الإنتاج ، هذا العام هو العام الخمسين لها ، حيث طارت لأول مرة سنة
1954 . ويلليس الذى كان فى التسعين لدى رحيله ، كان قد وضع هذا
التصميم الغريب بعض الشىء ، المستقى من عربات قطارات نقل البضائع ،
والذى سخر منه رؤساؤه فى لوكهييد ، لكنه أقنعهم بدخول المسابقة الدفاعية
وفاز فعلا ، وصنع التاريخ . ويلليس كان أيضا ممن ساهموا فى تصميم
صواريخ پولاريس تحت المائية التى تطلق من الغواصات أو المنصات سواء بسواء .
وحتى سنة 1995 كان عضوا فى مجلس لوكهييد مارتين ، الاسم الجديد للشركة بعد
اتحادها مع شركة معدات دفاعية أخرى . اكتب رأيك هنا [ تحديث : 6 أكتوبر 2004 : على نحو أكثر تفصيلا ، وبما
يرقى فعلا لمستوى التحليل الأكاديمى التاريخى ، ناهيك عن المتانة
اللغوية ، كتب بريمر عمود رأى مطول نسبيا لعدد الغد من
النيو يورك تايمز . يتوسع فى شرح موقفه ، وأيضا الموقف المعاكس ،
موقف القادة العسكريين . هؤلاء كان رأيهم أن القوات كانت دائما أبدا
كافية ، وأن أميركا لم تكن لتنوى أبدا إدارة العراق وحدها عسكريا .
ويضيف أن الكل فى واشينجتون وفى بغداد ، مدنيون وعسكريون ، وهم نفسه
منهم ، كان متفقا على أن الهدف الستراتيچى هو تمكين العراقيين من حكم
بلادهم ( بداهة دون الحاجة لذكر أن يتم ذلك على نحو يجعلهم حلفاء
لأميركا ) . فارق الرؤية فقط يختص بفترة البداية ، هو كان يريد
قوات أكبر ، وهم لا ، وحسب تعبيره لا وسيلة لمعرفة من كان على حق
أبدا . أما الآن فلا أحد يختلف فى أن كل شىء يجرى على ما يرام . هنا
يتحول المقال لأنشودة رفيعة أدبيا وجيزة بليغة وشاملة معا ، فى الدفاع عن
سياسة بوش فى العراق ، وعن دوره التاريخى ككل . وبعد نوبة تقريع هائلة
للسيناتور كيرى لا تقل عن ’ مرزبات ‘ ديك تشينى هذا الأسبوع ، طلب منه
فيها أن لا يجتزئ كلامه ، ولو أراد الاقتباس فليقتبس الرأى ككل
متكامل ، يعود لينهى المقال بما قاله حين سأله بوش قبيل رحيله لبغداد لماذا يتخلى عن حياته الخصوصية ويقبل
وظيفة صعبة خطرة وربما لن تكون مشكورة أبدا . حسبما يذكر قال دون تردد
’ لأنى أؤمن برؤيتك للعراق والعالم ، ويشرفنى أن أساعدك فى تحويلها
لواقع ‘ . ويردف : الآن أميركا والتحالف يصنعون تقدما ثابتا نحو تحقيق تلك الرؤية ! ] .
سيبك من مراحيضنا الإعلامية وعباقرتنا الجهابذة
إللى صدقوا ما لقوا جنازة وهات يا لطم ، وكأن ما كفاهمش حوالى
أسبوع لطم من ساعة التقرير الكبير بتاع أسلحة الدمار الكتلى ، تقرير ديولفر
Charles A. Duelfer ، الذى يفترض أنه الكلمة الأخيرة
والشاملة فى هذا الموضوع ، وطبعا ما لهومش إلا سؤال واحد : فين
السنيورة ، قصدى فين الأسلحة ؟ ده رغم أن معظمهم مذكورين فيه بالاسم
بسبب حكاية كوبونات البراميل ( فاكر ! ) .
بصراحة الأخ البرادعى حس أن التقرير ده سحب الأضواء منه . ألف صفحة كاملة م
الكلام فى أشكال وألوان الحيل الصدامية إللى ضحك بيها على الجميع ، موسوعة
يعنى . زائد طبعا الكلام عن التواطؤ من جانب الأمم المتحدة ومنظماتها
ولجانها وطبعا أعضائها الكبار بقيادة فرنسا وروسيا ، فى خططه لرفع العقوبات
واستئناف إنتاج الأسلحة ( ده ما لهوش دعوة برأينا
فى الموضوع . إحنا ما بتهمناش الأسلحة ببصلة . عندنا خطبة واحدة من
الزعيم ولو قديمة فى منظمة الشباب هى مبرر كافى جدا لإسقاطه ) ! دلوقت هو بيلف ويدور عاوز يرجع العراق علشان يكمل
ملف التفتيش إللى هو ما لهوش لازمة ، حاجة كده ع الورق علشان يثبت الأمم
المتحدة لسه موجودة . زى ما قلنا إثبات دور يعنى . ماشى ! بس
المضحك فى الأمر أن أميركا دعته مرتين وراح العراق فعلا ، وكان ممكن يشوف
كل إللى عاوز يشوفه وخايف عليه . يعنى الحكاية ما عدتش حتى إثبات
دور . الظاهر كل ما فى الموضوع أن الأمم المتحدة بتدى بدلات كويسة لموظفيها
لما بيطلعوا مأموريات فى مناطق الحروب . والمعنى فى بطن الشاعر ، موش
كده ولا إيه ؟ … اقرأ نص التقرير المقدم للكونجرس المسمى Comprehensive Report of the Special Advisor to the
Director of Central Intelligence on Iraq's Weapons of Mass Destruction والبالغ نحو ألف صفحة ، فى الأجزاء التالية 1 - 2 - 3 ، أو
اقرأ ملخصه هنا ،
أيضا من موقع الاستخبارات المركزية . اكتب رأيك هنا [ تحديث : 25 أكتوبر 2004 : إمبارح
الأخ البرادعى كعب الغزال لعب لعبة قذرة جديدة من بتوعه . بيقول 380 طن من
المتفجرات التقليدية اختفت من منشأة فى العراق . مال أمه ومال المتفجرات
العادية ؟ لو حد
يقدر يفهمنى أهلا بيه . ثانيا ، مال أمه ومال العراق أصلا ، وزى ما
قلنا أميركا على الأرض وبتجب كل حاجة وبتجب كل أحد ؟ ثالثا طبعا 380 طن
متفجرات تعمل عمايل ، أو غالبا عملتها فعلا والموضع خلصان ، وبسلامته
جاى يتكلم بعد سنتين . لكن عارف القوات الأميركية استولت على كام طن
متفجرات وذخائر منذ احتلالها العراق ؟ نص مليون طن ! تانى : نص
مليون طن ! ده إللى قاله الخبراء النهارده ،
وكمان تشينى إللى ما بيرحمش
لقاها فرصة وقلب يعنى
أخوك البرادعى إللى عاوز يلقى له دور ، بيتكلم عن حاجة ما تجيش واحد فى
الألف ، وفاكر نفسه مايكل موور جزء
2 ممكن يلعب سياسة ويلعب انتخابات ، ويقلب نتيجة رئاسة أميركا إللى ما
يقدرش كل يساريجية وعربحية وإسلامجية العالم يقلبوها ، بما فيهم كيرى
وشيراك وأى حد ، أى حد ، أصل دى موش أسماء أصلا . الأسوأ أننا لا
نعرف بعد كل القصة وربما كلها زوبعة فى فنجال فى وقت بقى كل واحد فيه أنه أكفا
من الجيش الأميركى أضعف وأعبط جيش على وجه الأرض . لا نعرف بعد فربما هربت
بواسطة صدام حسين قبل الغزو ؟ لن أستغرب حتى لو اتضح أن القصة بكاملها
أكذوبة ، أو أن حتى الـ 380 طن جزء من النص مليون طن ! السؤال :
يعنى كلها أسبوع ويبقى الحساب يوم الحساب ، ويوم الحساب يبقى 2 نوڤمبر .
والبرادعى حط نفسه بالثلث ع اللستة . إزاى أميركا تآمن لواحد زى ده ذو ميول
إسلامجية عربحية يسارجية صريحة كده أنه ينزع سلاح إيران . الواضح أن حاميها حراميها ، والواحد لن يستغرب لو ثبت أنه هو
نفسه ساهم فى مدها بالممنوعات النووية ! هو يعنى
أقل من عبد القدير خان
ولاء للإسلام ولا إيه ؟ ] . [ تحديث : 13 أكتوبر 2005 : تابع
هنا رأينا فى فوزه المخجل
بجائزة نوبل للسلام ، التى نقول دوما أنها
نفسها فى حد ذاتها شىء مخجل ] . [ تحديث : 28 يناير 2006 : الأخ البرادعى مصمم على
مناوراته الحقيرة الهادفة لتمكين إيران من القنبلة ، ووصل به الأمر الآن
لحد رفع البرقع بالكامل عن وجهه القبيح . إيران
فضت أختام وكالته ، وبدأت بالفعل إثراء اليورانيوم اللازم لصنع
القنبلة . ماذا كان رد فعله وهو يرى أختامه وتوقيعاته تمزق وتلقى على الأرض
تدوسها أقدام الحرس الثورى ؟ رد فعله الأولى أن قال إنه لا يستطيع تقديم
تقريرا للاجتماع القادم لمجلس الوكالة ، ذلك أن قرابة الشهرين لا تكفيه
لكتابة تقرير ، أو كأن هذا التقرير يحتاج أصلا لأن يضم أكثر من تصريحات
أحمدى نجاد ، وليس حتى خبر قيامهم الفعلى ببدء إنتاج يورانيوم
القنبلة . شهران ربما
يكفيان لصنع القنبلة لكنهما لا يكفيان لكتابة تقرير عنها ! أليست هكذا يجب أن تجرى النكتة ؟ هكذا إذن حمى الملا برادعى
ظهر طهران وأجل إرسال ملفها لمجلس الأمن لعدة شهور يتوه العالم فيها فى
بيروقراطيته وتحديد مواعيد للاجتماعات واستيفاء الأوراق والدعوات والمحاضر
والتماحيك ، وما خفى فى جعبة الحاوى كان أعظم . الأمر لم يقف عند هذا ، وما
قاله اليوم يبين بالضبط ما وراء البرقع الذى خدع البعض لفترة . صدق أو لا تصدق
هذا ما يريده الرجل فعلا ، وصرح به اليوم علنا
وبلا أى حياء أمام كل رموز العالم فى منتدى داڤوس : ’ على
أميركا تزويد إيران بمفاعلات نووية مقابل تعليق تخصيب اليورانيوم لثمانى أو تسع
سنوات ‘ . صدق أو لا تصدق
ذلك ما يريده هذا الإرهابى المحنك : 9 سنوات تحتك خلالها عصابة الملالى
بأرقى الخبرات والتقنيات النووية على يد أميركا وعلمائها شخصيا ، ثم بعد 9
سنوات : هوب ! فى لحظة اطرد كل هؤلاء أو اعتقلهم أو اقتلهم ،
وابتدى شحن القنبلة لحزب الله وحماس وجيش المهدى وفدائيين بشار أو لواشينجتون
بالحقيبة الدپلوماسية بتاع الأمم المتحدة ! يا حلاوة !
أو يا سلام سلم ! شكرا آية الله برادعى أن منحت العالم بكرمك المصرى الزائد
9 سنوات فسحة ، قبل أن يحكمه أو يصدر عليه زملاؤك آيات الله حكم
الإعدام . كرم ما بعده كرم فى الحقيقة ! يا سادة ، لقد سقطت كل أوراق
التوت ، فهل من فعل من أحدى يؤدى للتحقيق ‑ومن ثم المحاكمة أو
الإرسال لجوانتانامو‑ التحقيق فى حقيقة أنشطة هذا المجرم المحترف الذى
عهدت له منظمة الأمم المعدمة
اليالتية الاشتراكية المتحدة ، كما حال رؤساء معظم مؤسساتها ،
بمقدرات المستقبل النووى لكوكب الإنسان ، وظل يهتف لسنوات ’ بالروح بالدم نفديك ياصدام ! ‘ ، وعدلها الآن ‑وليس بسبب أى فضل منه فى إغلاق
ملف صدام ، إلى ’ بالروح
بالدم نفديك يا نجاد ! ‘ ] .
بوش ذهب لجس النبض ، لمعرفة كم تغيروا ،
لمعرفة لأى مدى اقتنعوا ، أو بالأحرى استسلموا ، للحقيقة
الأميركية . هذه الأممية الخامسة ( كما نسميها دوما ) تمر الآن بأضعف
لحظاتها وقد تضاءل كثيرا سقف طموحاتها فى وراثة الاتحاد السوڤييتى بعد أن
فوجئوا بفريق بوش العنيد القوى وبسياساته مستمرة فى قيادة العالم بسياسات حضارية
معادية 180 درجة بالضبط لتوجهات اليسار الأوروپى التحللية المتواطئة أو على
الأقل المهادنة لقوى الانحطاط العالمى ، ذلك لمدة 4 سنوات أخرى على
الأقل . بوش يعرف جيدا ما يريد ( هذه قضية أخرى غير أن
سقف ما يريده محدود أصلا ، أو غير واعى أصلا بحجم المخاطر ، أو أخلاقه
بتنقح عليه من القصف الجوى النووى ) . هو يعرف الصورة التى يجب أن
يكون عليها العرب والمسلمين ، ولن يتنازل عن هذا أبدا . يعرف كيف يمكن
أن يدار الاقتصاد الحر بدون ديماجوچيات حول البيئة أو سواها ، ولن يتنازل
عن هذا أبدا . يعرف الحدود التى يجب أن تنضبط فيها الأمم المتحدة بحيث لا
تكون حامى حمى المروق والإرهاب [ تعيين چون
آر . بولتون بعد قليل مندوبا ساميا لتلك المنظمة شبه العصابية
المجرمة ، كان قرارا رائعا وشديد العزم بكل المقاييس ، لا سيما وأن
الرئيس تخطى فيه الكونجرس ] . وهكذا إلى آخر القضايا . وكل ما
يفعله أن يترك أوروپا تتحرك حين لا يكون هو فى جاهزية الحركة بعد ، وبشرط
لا لبس فيه أن تكون تلك الحركة فى اتجاه البناء لذلك الفعل المؤجل منه .
مثلا ، يترك هذه الأوروپا تفاوض إيران ، ذلك أنه لم يفرغ بعد لها حسب
حساباته ، هذه الحسابات تقول له أن الوقت لم يحن بعد لا ماليا ولا عسكريا
لإسقاط ريچيم الملالى ( هو لا يريد إنهاء الأمر بسرعة بضربات نووية رخيصة
وقرر أن يترك هذا القرار التاريخى لرئيس أميركى لاحق ، أو كما قلنا سقف
إراداته ليس كبيرا ) ، ومن ثم لا ضير عنده أن يترك أوروپا تجرب وتمهد
الطريق ، بينما هو يكسب الوقت . الوهم الأوروپى يكمن فى أنهم يعتقدون
أنه يمكن بناء على مساعيهم أن يعدل عن الهدف : إسقاط ريچيم الملالى .
ذات الشىء مع الريچيم السورى وربيبه هو وإيران حزب الله ، يترك فرنسا تتحرك
كثيرا ، لكنه لن يقبل بأقل من الإسقاط وفرض سلطة إسرائيل على
المنطقة ، كالقوة الإقليمية الحضارية الوحيدة والنائبة المستحقة عن
أميركا . الخلاصة أن أوروپا ستظل فى نظر أميركا الأممية
الخامسة ، أو أيا ما كانت تسميتهم لها أوروپا القديمة أو الكاثوليكية أو أى
شىء ، وكل ما يمكن فعله معها هو لعبة القط والفأر الحالية هذه ، هذا
إلى أن يحين وقت إسقاطها كما سبق وسقطت كل الأمميات الشيوعية السابقة التى عرفها
هذا العالم . اكتب رأيك هنا
تحدثنا كثيرا جدا فى هذا الموقع عن الاتحاد
الأوروپى . بعض ما كتبنا يرجع لأيامه الأولى جدا كما الأطروحة الأصلية
لصفحة الثقافة التى تحوى موادا كتبناها عشية
اتفاقية ماستريخت ، وبها أيضا كلام عن التكتلات الدولية باعتبارها
مروقا على الحضارة التى هى فى تعريفنا هى حضارة ما بعد‑الصناعة الأنجلو‑يهودية
وما عداها قطع طريق ، وكلام عن كيف دخلت بريطانيا هذه المنظمة ومتى ستخرج
منها ، ثم عرجنا كثيرا فى صفحة الحضارة للكتابة عن توسيع الاتحاد وعن الدستور الذى سقط
اليوم وبالأخص عن انضمام تركيا ،
وآخره نبوءة عابرة قبل أسابيع
قليلة فى صفحة الفن الجماهيرى عن النتيجة التى رأيناها اليوم . الشعوب التى صوتت اليوم شعوب لم
يستشرها أحد أبدا رأيها فى ذاك الاتحاد ، إنما طبخ الأمر برمته فى الخفاء
بواسطة الحلف غير المقدس للساسة اليساريين عبر القارة .
وكما قلنا مؤخرا فى الملخص الشامل
لمواقفنا ، هى شعوب بسيطة حسنة الطوية لها ما تراه وتحسه ، هذا بمجرد
أن يهدأ تحريضكم وتهييجكم لها للحظة ( التحريض والتهييج ضد الحرب على
العراق مثلا ، كان كافيا وحده لتثبيت شيراك وشرويدر فى الحكم بل والإتيان
بذلك الشيوعى المصغر لحكم إسپانيا ، لكن الآن العد التنازلى لهم جميعا بدأ
أسرع مما يتخيل أحد ) . نعم ، ما أن تهدأ الحناجر والتضليل
للحظة ، حتى تنجلى شعوبا كل ما تريده هو الخلاص من الفاقة الاقتصادية
والعداء للحضارة ( أميركا ) ، الذى جلبته السياسات الكارثية لذلك
المشروع المولود ميتا على أنقاض الاتحاد السوڤييتى ، بهدف توحيد قارة
بكاملها لتصبح بلطجيا محليا مارقا على أميركا ، وليس تابعا لها كما يقول
منطق الأمور ومعطيات الواقع وأرقامه . نعم ، ها هى الشعوب أسقطت اليوم
المشروع بالفعل ، ثم يوم تنسحب منه
بريطانيا التى لا يربطها أى شىء عرقى أو أيا ما كان به ، وغدا لناظره
قريب جدا ، ستكون النهاية الرسمية . ولن أدهش إن بدأ البعض فى الصباح
التالى التفكير فى تأسيس الأممية
السادسة ، فالواضح أنكم ’ ما بتتهدوش ‘
أبدا ، إلا بالاسئصال الجذرى .
الآن أراك تهرول لتقول لأصدقائك لقد عثرت على موقع
على الإنترنيت تنبأ بسقوط الاتحاد الأوروپى . لا أعتقد أنها فكرة جيدة
منك . هناك أناس كثيرون كانوا ملء الأسماع والأبصار قالوا ذات الشىء ،
ولم يلتفت إليهم ’ إللى ما بيتهدوش ‘ ، وفعلوا ما فعلوا . مارجاريت ثاتشر ليست سوى مثال
واحد ، وآخره نبوءتها يوم ولادة
اليورو بأنه شىء ذا مصير محتوم ! وبعد … تسألنى
ما هو المطلوب من أوروپا الآن ؟ أجيبك : أولا ، إسقاط كل الحكام
الاشتراكيين ممن أورثوها الفاقة والتخلف ، وشرويدر سيكون أول الغيث فى
الأسابيع أو الشهور القليلة القادمة . ثانيا : اتخاذ إجراءات صارمة ضد
كل من أسهموا فى ارتكاب جريمة الاتحاد الأوروپى ومختلف صور المروق
الشبيهة ، حدها الأدنى العزل السياسى وحدها الأقصى لا وجود له .
ثالثا : تنصيب حكومات تؤمن بالاقتصاد الحر ، تعلن رسميا حل الاتحاد
الأوروپى ، تطرد المهاجرين ، كل
المهاجرين ، وتنزع الجنسية عمن أخذها منهم ، هذه التى أعطاها لهم
اليساريون على مدى القرن الماضى أو أكثر ( قليل من تطبيق التقنيات الچيينية
الحديثة سيساعد فى تحديد من يطرد ومن يبقى ممن يدعون التجذر فى المجتمعات
الغربية ) [ تابع تطورات
التدشين الفعلى لحروب تحرير الغرب من العرب والمسلمين والمهاجرين عامة فى صفحة
الحضارة ] . رابعا : تبدأ كل دولة على حدة ترتيبات الانضمام
للامپراطورية الأميركية ، فى البداية من خلال اتفاقيات تداول حر واتفاقيات
دفاعية وما إلى ذلك ، ثم من خلال ترتيبات سياسية لنظام الحكم . هذا هو الطريق لتحول أوروپا من
معسكر المروق لمعسكر الحضارة . ونضيف : وهو طريق محتوم . وأيضا
نضيف : أما فرنسا ورغم استفتاء اليوم ( 29 مايو 2005 ) فقد تظل
قصة أخرى ، قصة ربما تخرج فيها الأسلحة النووية من مخابئها ! اكتب رأيك هنا
3 حوادث تتلاحق فى ساعات قليلة : مظاهرات
الطلبة تجهض قانونا فرنسيا يقر بديهيات بسيطة حتى فى أعتى المجتمعات
الاشتراكية ، هى مجرد أن يسمح بفصل الشبان خلال فترة التعيين الاختبارية فى
الوظائف . مظاهرات
المهاجرين غير القانونيين فى أميركا تجهض قانونا يجرم الهجرة غير الشرعية
ويدعو لتبنى تصاريح الشغل المؤقتة . وأخيرا فوز ‑وإن كان ضعيفا وبعد
محل شك قانونى‑ لليسار الإيطالى فى الانتخابات
الپرلمانية ، وما يفترض معه أنه سيتم تشكيل الحكومة برئاسة أحد رموز
الأممية الشيوعية الخامسة ( الاتحاد الأوروپى ) هو المدعو رومانو
پرودى . ماذا يحدث بالضبط ، وما هو الموقف الصحيح ؟
ألم يحن وقت إغلاق ملف حكم الجهلة المسمى بالديموقراطية ( حكم الجهلة وحكم
الفقراء تعبيرات لأرسطو وليست لنا ) ؟ أين حكم الشركات ؟ ما هو
دور المؤسسات العسكرية ؟ هذه أسئلة كبيرة جدا ، لكن سنحاول تلمس بعض
المعالم . تابع هنا … أقول لك بلاش نتابع . آه صحيح أحداث
جديدة ، لكن الكلام هيكون قديم ، يسار وطابور خامس ، واستجلاب
عبيد ، وعصابة عالمية ، انت فاهم الباقى . فقط إليك هذا المقال
الطريف جدا عن الحالات الأربع التى تستطيع فيها فصل موظفا من شغله فى
فرنسا ، واحدة منهم طبعا أنك تديه أو تديها رشوة كبيرة أوى أوى ، لكن
الأدهى الواحدة إللى بتقول أن عليك أنت أنك تثبت أمام المحكمة أن كل مؤسستك ليس
بها أى تقصير من أى أحد أو من أى نوع قبل أن تتهمه هو
بالتقصير ( ! ) ، وعجبى ، لأن طبعا إعطاؤه أو إعطاؤها
مرتبا مدى الحياة أرخص مائة مرة من سنوات كاملة من التقاضى وتأجير مؤسسات تراجع
لك أداء شركتك علشان خاطره أو خاطرها ! عينى عليك يا رفيق شيراك ، أول
مرة تصعب على . المسكين حتى ما طالبش بتغيير القانون ، إنما طالب بس
بعدم تطبيق شروط الفصل خلال أول سنة أو سنتين شغل ، ولمين ؟ للشباب
العاطل أصلا بيعمل مظاهرات فى الشوارع ! أما فى أميركا فالأمور باتت مرعبة
الوقاحة حقا من جانب الغزاة ذوى الأعراق اللاتينية ، ووصل بهم الحد لأن
دشنوا نشيدهم القومى الخاص باللغة الإسپانية بعنوان Nuestro
Himno
ومعناها Our Anthemوكأن البيض
الأنجلى لا وجود لهم فى أميركا ، ولا هم الذين تمثلوها وأسسوها
وبنوها ! ] . المهم ، بدل كده ها أكتب لك قطعة شخصية
جدا ، بمناسبة الإتيان على ذكر كلمة المؤسسات العسكرية ، وكمان علشان
جانى واحد صاحبى ، وسألنى فجأة سؤال غريب ، وإن كنت نسيت أسأله هو
سألهونى ليه . تلك القطعة هى تجربتى أنا شخصيا مع المؤسسة
العسكرية ، تجربة ولا فى الأفلام ، قصدى ولا فى الأحلام : العنوان طويل
شوية : ذكريات شخصية عن المؤسسة
العسكرية ، والمقصود فترة التجنيد الرسمية ، وليس الدراسة الثانوية فى
مدرسة اسمها المنيا الثانوية العسكرية ، أو الاشتغال 16 سنة لاحقا فى مصنع
حربى على احتكاك متواصل بالجيش ، هذا الشىء الذى كنا نسمع فى شبابنا فى
السبعينيات أن تقارير إسرائيل والغرب تقول إنها ‑بخلاف رئاسة الجمهورية‑
المؤسسة الوحيدة المنضبطة فى مصر ، وما عداهما فوضى كاملة ، ولم نكن
نفهم معنى ذلك ، فكل أفكار جيلنا عن تلك المؤسسة العسكرية تكونت فى يوم
واحد هو 5 يونيو 1967 ، ولا يمكن لشىء أن يمحوها وللأبد : - يوليو 1982 ، وحدد أنت
اليوم : التجنيد فى أسيوط حيث شاهدت فى أول يوم لى بمعسكر الاستقبال مباراة
نهائى كأس العالم الذى فازت به إيطاليا ، هذا بعد تأجيل أربع سنوات لآسباب
عائلية ، كنت أشتغل خلالها بالفعل كمهندس فى المصنع المذكور بعين حلوان
بالقاهرة . بعد أيام أرسلونا فى رحلة طويلة لمعسكر تدريب الدفاع الجوى فى
منطقة تسمى كينج مريوط بالأسكندرية ، كنت أقضى المساء فى كتابة رسائل
عاطفية لخطيبتى أروى فيها ما يحدث يوما بيوم . - الأسرة توسطت لى ‑هذا ما
يفعلونه عادة مع كل أحد حتى ’ يرتاح ‘ هو فى تجنيده ويرتاحوا هم فى
ضمائرهم‑ لدى قائد سلاح الخدمات الطبية أو شىء كهذا ، فلا معرفة
شخصية لى به حتى . طبعا شيئا لم يحدث ، فالوسائط عادة كما أفهمها ليست
ذات قيمة إلا للأبناء تحديدا وليس لكل الأقارب والمعارف . الآن المسار
المنتظر للعودة جنوبا هو ما يلى : قيادة الفرقة الجنوبية ‑لها رقم
معين لكنى لا أذكره‑ بأسيوط ، فقيادة اللواء بالأقصر ، فقيادة
الفوج بنجع حمادى ، فالكتيبة نفسها مستقرى الأخير ، بالأقصر مرة
أخرى ، ولا بد من كل هذا التسلسل ، هكذا الحال ، أو ما يسمونه البيروقراطية أو الروتين او الميرى . - على غير سابق
توقع انكسرت الحلقة فى الأقصر ( الأولى ) ، وكانت الدباية لبوابة
لتكسير لكل شىء بما لم يخطر ببال أحد . إنه الشخص الذى أكتب هذا المدخل
إجلالا له هو العقيد ح . ف . - الرجل كان قد وصل للمكان قبل
أشهر قليلة ، والمكان أرض قاحلة نائية بالجبل الشرقى للأقصر ، وإن
أحاطتها بعض المزارع المتفرقة . أما أحد أبرز خصائصها فهو أن سلاح الأشغال
لا يصل لتلك المناطق فى الصعيد الجوانى أبدا . فيما أتصوره شخصيا ، هو
لم يكن يبدى اهتماما ، أو حتى احتراما كبيرا ، لمهنة الدفاع الجوى
نفسها ، وسأروى لك واقعة بعينها ، لكن لا تنس أن تلك كانت أيام ما بعد
معاهدة السلام مع إسرائيل والانسحاب الكامل من سيناء . من هنا كان شاغله
الأكبر أن يبنى كل هؤلاء الجنود مساكن مهذبة decent لهم ولم سيأتوا من
بعدهم ، وأن تتوافر المرافق فى المكان ، كالمياه والإنارة
… إلخ ، وهذا هو الانجاز الوحيد الممكن الذى يمكن فى نظره أن يبرر
تجنيدنا . - هو مهندس ميكانيكا خريج جامعة
أسيوط ، ذات القسم الذى تخرجت أنا منه ، لكن من الدفعات الأولى
جدا ، 1958 فيما أذكر ، قبلى بعشرين سنة . هو من عائلة
صعيدية ، ونشأ فى تربية حضرية فى مدينة أسيوط نفسها ، لكن مع كل خصائص
حدة الطبع وقيم الشرف والخلق الرفيع ، فضلا عن سمعة لا تمس فيما يخص
النزاهة والكرم ، وشموخ واعتداد بالنفس يكاد لا يوجد نظير له . - أحد المهندسين الثلاثة ،
وكان مسيحيا ، رآه خائبا بعد قليل ، وأرسله لكتيبته ، وثلاثتنا
فى الحقيقة كنا مسميين لنفس الكتيبة المجاورة لمطار الأقصر ، هذه أذكر
رقمها لأنه لا يزال فى أوراقى ، الكتيبة 76 د . ج . وذكر ديانة
هذا الزميل مقصود للتنويه بأن العقيد ف . المسلم ، كان يتمتع بصداقات
لا حصر لها مع الأسر المسيحية الكبيرة ، ليس فى أسيوط والأقصر
وحدهما ، بل تقريبا فى كل وسط وجنوب الصعيد . آمل أن أكون قد بدأت
أرسم لك بعض ملامح شخصيته شيئا فشيئا ، وهذا هو المهم ، وثانويا كى
أذكرك بأيام خوالى لم يكن التطرف الإسلامى قد اكتسح عقول الجميع بعد فيها . - الزميل الثانى ، كنت أعرفه
من قبل ، وتلازمنا أكثر فى مركز التدريب . حاليا لم أعد أذكر ظروف
تعارفنا الأولى . ربما كان معى بقسم الهندسة الميكانيكية لكن تأخر عنى بسنة ،
ثم أن أمثاله من سكان المدينة نفسها وليس المدينة الجامعية لا يختلطون بنا
كثيرا . ربما حتى كان يدرس بقسم الهندسة المدنية ، وهو مكان بعيد عما
كنت أدرس وأسكن أنا ( الأول يسمى الجامعة القديمة ، وهى مبانى قديمة
استولت عليها الحكومة ، والثانى بكلياته ومدينته الجامعية ، كانت شيئا
حديثا بالكامل ، ومحل فخر كبير أنها الأفضل على مستوى الجامعات المصرية فى
حينها ، فى الستينيات والسبعينييات . مجدى هذا كان ابن وكيل وزارة
الرى بأسيوط ، وهذا أحد أسباب الاختلاط عندى بين وظيفته ووظيفة أبيه .
المؤكد أن نشأت صداقتنا الأولى من خلال التزامل فى السنة الإعدادية ،
وتواصلت بعض الشىء من خلال مشاهدة الأفلام سويا فى قصر ثقافة اسيوط . ما
عدا هذا لا أذكر بالضبط ، وأشعر بالخجل أن نسيت أشياء كهذه ، علما
بأنه شخص يسهل جدا أن تفتقده بعد أن تتعود عليه . المهم ، العقيد ف . توسم
فى مجدى أن يقضى له كل الأشغال المكتبية للواء لدى قيادة الفرقة . فرح مجدى
جدا ، فهو سيقضى كل الليالى فى حضن أمه وأبيه وبين أصدقائه فى أسيوط .
لكن سرعان ما كنت أراه ينزف دموعا لفرط المجهود الذى كان يكلفه به العقيد . - أما أنا ، ثالث
المهندسين ، فقد كنت بنظره مهندسا معتبرا ، هذه تعنى الهندسة
الميكانيكية ‑مثله‑ من ناحية ، وتعنى خبرة 4 سنوات فى مصنع
حقيقى ومهم ، لكن لا تزال يجب أن تعنى شيئا ثالثا يجب أن يتحقق منه
بنفسه : القدرة على الإنجاز ‑بما فى هذا القيادة‑ بمعاييره
وإيقاعاته هو . فى الأسابيع السابقة على وصولنا كان قد اختار فريقا مكونا
من ملازم أول ممن ارتقوا الرتب كضابط صف ، زائد رقيب مجند ، وشرعوا فى
خطوات الإنشاء تلك ، ولبنتها الأولى هو اللبن نفسه ، إى ’ معجنة ‘
الطين ‘ و’ دق ‘ الطوب النيئ ، ثم البناء من دور واحد
للثكنات ، لكن لم تكن قد بدأت أية نتائج فى الظهور بعد . ضمنى
للفريق ، كرئيس له من اللحظة الأولى تقريبا ، وكان كل من يرضى عنه
يضمه له ، وكل من يغضب عليه يفصله منه . ومعيار الرضا والغضب شىء واحد
لا غير ، التفانى فى الشغل . الناس كانوا عنده إما أبيض وإما أسود ، ولا شىء
بالمنتصف ، أناس يصلحون للشغل ، وناس لا يصلحون له ! - لم تمض أسابيع حتى كان ذلك
الجندى مجند الذى هو أنا ، قائدا للمعسكر بمعنى الكلمة . بما أن محور
النشاط هو البناء ، فأنا هو القائد وكل الخيوط فى يدى ، ولك أن تصدق
أو لا تصدق ، أن كل الضباط صعودا حتى رتبة المقدم ، يأتوننى كل صباح
ليسألوا : ماذا سنفعل اليوم يا فلان ! - هو لا يعطى اهتماما ولا احتراما
يذكر للنشاط العسكرى نفسه ، أو لنقلها بصيغة أفضل أو لعلها أدق ، هو
يرى العسكرية كمعنى وكأسلوب حياة وكقدرة على الانضباط والإنجاز ، أكثر منه
تلك المراسم البيروقراطية الشهيرة . هنا يمكن أن أروى لك ألف قصة
وقصة . أبدا بنفسى ، أنا لم أرتد ذلك الحذاء الجلدى الضخم أبدا ما بين
فترة التدريب الأولى وحتى فترة العودة للكتيبة لإخلاء الطرف مع انتهاء فترة الـ
15 شهرا التجنيدية . فقط ذلك الحذاء الكاوتشوكى الخفيف . كنا ننزل به
للمدينة للأشغال مع الباقين ، وكنا فى كل مرة نحصل على مخالفات من الشرطة
العسكرية ، وكانت المخالفات التى حصلت عليها توضع على مكتب العقيد ،
وظلت هناك حتى خرجت من الجيش . طبعا هى تعنى السجن وأشياء كثيرة
مرعبة ، لذا كنت أستجديه أن أمزقها حتى لا يضعها أحد فى الملف ولو على سبيل
الخطأ ، ولا أصبح جنديا ’ قدوة حسنة ‘ ، أو أيا ما كان
الضرر . كان يرفض دائما ، وأعتقد أنه كان يحب بها التباهى أمام
ضيوفه ، فواحدة من الوقائع المبكرة فى حياته العسكرية التى جعلته شهيرا جدا
فى كل خط الصعيد كما أشرت فى البداية ، هى أنه أرسل لوريا هدم كشكا للشرطة
العسكرية ، حين اعتقلت هذه الشرطة بعضا من رجاله ! - أما فيما يخصه هو ، فقد كان
لى أن كنت شاهدا على موقف خاص جدا . هو لا يحب الشغل العسكرى نفسه كما
قلت . مكانه المفضل هو كرسى ومنضدة وشمسية إلى القلب تماما من معسكر
’ الخلفية ‘ الذى كنا فيه . كان من خلاله يشرف علينا
جميعا ، وكان يدير أيضا الشغل العسكرى فى غرفة القيادة فى منطقة المطار عبر
التليفون . لكن أحيانا كانت تضطره ظروف معينه للذهاب هناك بنفسه ،
غالبا بسبب غياب كل كبار الضباط فى وقت ما معا لسبب ما . حتى حين يذهب
لهناك ، كان يفكر فى أشغالنا نحن ، بمعنى أنه كان يأخذنى وبعض آخرين
لأنه رأى المكان فى حاجة لإصلاحات ما أو شيئا من هذا القبيل . هناك دخلت
غرف العمليات الحقيقية المحصنة تحت الأرضية لأول مرة ، وليس نماذج هذه
الغرف كالتى شاهدناها أثناء التدريب . هناك رأيت الخرائط العملاقة التى
تتحدث عن ’ العدو الغربى ‘ و’ العدو الجنوبى ‘ التى أتيت
على ذكرها فى بعض المناسبات السابقة ، شاهدتها مشاهدة العيان ، ولم
يحك لى عنها أحد . الواقعة التى أقصدها ، أن وجدته ذات مرة غاضبا جدا
من الطرف الآخر على الهاتف . كان ذلك مذعورا من أن ثمة هدفا لا تتوافر عنه
المعلومات الكافية ، وحين ملأ الضجر عقيدنا أمره بهدوء شديد البرود :
طلع له صاروخ واسقطه ! ثم ترك المكان لمساعديه وخرج ، لعلهم يهدأون من
روع ذلك الضابط ’ الميرى ‘ جدا ، يستجلون معا حقيقة المشكلة التى
فجرها ، والتى من المؤكد أنها لم تكن مشكلة أصلا . - إذن لا روتين على وجه
الإطلاق . المهم المحتوى . لا يهمه ماذا ترتدى أو هل تؤدى أو لا تؤدى
له التحية ، ومن الإهانة له أن تطلب ورقة تصريح خروج لأية مأمورية أو أجازة
يكلفك بها . المهم أن تشتغل . لم يكن يعاقب بالحبس أو ما يؤدى إليه من
تطويل فترة التجنيد ، ولم يحدث عن وقع أمر حبس لأحد فى حياته ، هكذا
تقول الأسطورة . كان يحس بالتفاهة لو حدث وأمسك ورقة ليوقعها . كان
أسلوبه فى العقاب واحدا لا يتغير . لكمات سريعة متلاحقة فى متصف
الوجه ، حتى تدمى الأنف . كان يقول الشعب المصرى شعب
’ ناك ‘ فيه كل المستعمرون ولا شخصية له . هو شعب بليد ، لا
يعنيه إن سجنته أو أطلت فترة تجنيده طالما أنت تطعمه ، والوسيلة الوحيدة
للتفاهم معه هى العقاب البدنى . كشاب أهوى القراءة ، وكل الدنيا كانت
تمجد آنذاك فى جمال حمدان وموسوعته عن ’ شخصية مصر ‘ ، من العقيد
ح . ف . ، اكتشفت واستنرت وبالدليل الحى العملى الملموس ،
أن أدبيات جمال حمدان برمتها لم تكن أكثر من خيال علمى ردئ ! - أكثر من مرة ينادى لى
ليقول : مدحت ، اليوم جاءنا كنز ! هذا الكنز كان مرة عبارة عن
ابن لصديق مسيحى له تاجر أخشاب كبير فى نجع حمادى ، وعلى أن أكتب لائحة
أجعلها طويلة بقدر ما أشاء ، عن مواصفات الخشب التى يتطلبها المعسكر ،
تأتينا كأبواب وشبابيك زائد شحنة لا بأس بها من الألواح الخام . فقط أسلم
الورقة ، وبعد أيام تأتينا عربة محملة بما يساوى عشرات الآلاف من الجنيهات ،
وطبعا لا نرى ذلك الابن ثانية أبدا ، فقد دفع ’ البدلية ‘ ونال
إعفاءا من التجنيد . مرة ثانية كان ذلك الكنز ، هو ابن رئيس مجلس
المدينة ( الأقصر ) . هذه المرة أخذت اللورى بنفسى ، ولم
يحل علينا الليل إلا وكان المعسكر كله مزروعا بالكابلات وبأعمدة الكهرباء ،
وبالمصابيح الزئبقية الضخمة تحيل ذلك الليل نهارا . وطبعا لم يكن ذلك كل ما
أتيت به على اللورى ، لكنه فقط الشىء الذى أصبح حديث الجميع فى تلك
الليلة ، وطبعا لم ينم أحد واكتفينا بالفرجة على الأنوار ! - دخلنا فى الزراعة .
استولينا على أرض مهجورة مواجهة للمعسكر . من حين لآخر كنت أذهب لكتائب
الرادار ، وآخذ مولدات الكهرباء التى تديرها والتى ينوون تكهينها .
ركبنا مضخات مياه فى تلك الأرض ، وشغلناها بواحد من تلك المولدات ،
وكانت واحدة من أصعب العمليات ، لأنك كنت تحفر وتبنى وتمدد المواسير فى أرض
سرعان ما تغمرها المياه . مددنا المواسير لداخل المعسكر حتى تعمه الخضرة هو
أيضا . بعض تلك المواسير أخذناه من الشارع ، وكان مخلفات مشروع مد خط
مياه تابع للمدينة ، ربما منها للمطار أو شىء كهذا . بعد قليل جاءنا
مهندسو الشركة ، وهى المقاولون العرب فيما أذكر . طبعا لا يوجد مهندس
فى عموم جنوب الوادى لم يسمع عن العقيد ح . ف . ، لكنهم جاءوا
يستجدون إعادة هذه المواسير ، فهى من الحديد الزهر وباهظة الثمن ، ولا
يمكن تسوية عهدتها هكذا . ووعدوا بأن يأتونا بأى كمية نشاء من مواسير
الفخار . ستؤدى نفس الغرض ، فنحن لا نتعامل مع ضغط عال . طبعا
أعدنا لهم الكثير ، إلا واحدة فيما أذكر ، ركبناها بشق الأنفس كى تسحب
الماء من الترعة . وطبعا المجندون هللوا فرحا برحيل تلك المواسير ،
لسبب لك أن تتوقعه ، هو أن مواسير الزهر تلك كانت ثقيلة جدا ، وكانت
أياما مشهودة أو ليال ليلاء ( كثيرا ما لا نعرف الليل من النهار فى
الشغل ! ) ، تلك التى نركبها فيها ، فكل المعسكر تقريبا لم
يكن يقوى على تحريكها وليس لدينا سوى تلك القدرة اليدوية فقط ، لا أوناش أو
ما شابه ، إلا ما كنا نبتزه أو نسطو عليه بالصدفة من حين لآخر . - نسيت أن أقول لك فيما يخص
الروتين ، أننا لم نكن نجرؤ على طلب تصاريح خروج حين يأمرنا العقيد بقضاء
أمر ما خارج المعسكر . كنا نتسلل لنكتب تلك التصاريح وتختم لنا من الضابط
ماسك الختم ، كله بمجرد كلمة شفوية منى وتوقيع ذلك الضابط نفسه ، ودون
علم العقيد وطبعا دون توقيعه . أما لو حدث وكان مثلا واقفا أمام السيارة
التى تقلنا ووجه لنا الأمر بالركوب والتحرك الفوريين ، كنا نخرج بدون تلك
التصاريح ونحصل على مخالفات . أقصد فقط مخالفات ورقية تأتى له بعد
قليل ، ولم تكن الشرطة تجرؤ على اعتقالنا مثلا ، فهم بدورهم يعرفون
كيف تجرى الأمور طرفنا ، كذلك لعلهم لا يريدون أن يمس الأذى أكشاكهم من
جديد ( ! ) . طبعا لنا أن نتخيل أن قادة الشرطة أو أية جهة أخرى
دخلوا أكثر من مرة فى صدامات مع قائدنا ، ولا شك أنهم صعدوا الأمر لقيادات
مشتركة أعلى ، لكن من خلال الفرص القليلة التى سنحت لى لمشاهدة كيف يتعامل
هؤلاء القيادات العليا معه ، أتصور أن كل الأمور أو الشكاوى كانت تنتهى للا
شىء أو لصالحه . فهو فى نظرهم فى النهاية شخص رفيع الكفاءة عالى المقدرة
وسريع الإنجاز . لا يشغلهم بمطالبه أو تماحيكه البيروقراطية ، فقط
يتصدى للشىء وينجر المطلوب ، سواء اختص هذا بالشأن العسكرى ، أو بما
عداه كتلك الإنشاءات التى لا يأتى من أجلها أبدا سلاح الأشغال ، والتى
حولنا نحن بقدرة قادر لفعل كل الأشياء فيها ، بدءا من صناعة الطوب النيئ
حتى إصلاح الإليكترونيات المعقدة . - على العكس من الجميع ( إلا
هو ) لم أكن أحصل على أجازات قط . تمر الشهور ، حتى فقط يحدث
ويقول لى إن مظهرى بات أشعثا وبات قرفا منى ، آنذاك يعطينى أجازة .
بديهى هو نفسه لم يكن يحصل على أجازات ، سوى فى الأعياد مثلا ليقضيها مع
أسرته . مع ذلك كانت علاقتى به عملية جدا فيما يخص هذا . كنت أسافر
لقنا كل يوم ثلاثاء لألقى محاضرة فى قصر الثقافة بها ، وأعود فى الظهر
التالى لأتابع الشغل ، وكان من الممكن أن أمدد الرحلة يوما آخر لأزور معبد
قنا ، لأتأمل صديقى محمد نصر ، وهو يتأمل بالساعات أصابع حتحور
الطويلة الناعمة ( نصر أصبح لاحقا أحد الممثلين فى فيلم الطوق
والأسورة ، شاهدته عدة مرات بالقاهرة وعلمت أن انتدابه كمدير للقصر انتهى
بعد قليل وأصبح محروما من مهنة كان يمارسها بحب جم ) . أو كنت أذهب فى
اليوم التالى ‑الأربعاء‑ لمصنع سكر قوص لألقى محاضرة أخرى ،
وأعود فجرا فى أجواء صناعية للغاية وكأنها شتاء
مانشستر ، حيث روائح الدخان يكتمها بخار الماء فى الجو ، والشغيلة
تحت الضباب يقفون فى انتظار السيارات و’ عروش ‘ القصب الجافة الطويلة
تغطى بالكامل الطرق الحديدية الضيقة التى تسير فى كل اتجاه فى المكان ،
وتسير فوقها القطارات الصغيرة لا تعرف أنت كيف تعرف هى طريقها من كثافة تلك
الأوراق النباتية التى تغطى كل المنطقة ، وأشياء كثيرة خاصة ورائعة من هذا
القبيل . كل هذا وذاك طبعا بشرط أن أكون نسقت مع بقية الزملاء لأشغال
المعسكر له من قبل ذلك اليوم أو اليومين . قد لا تصدق أن هذه أكثر فترة
حققت دخلا فيها من إلقاء المحاضرات ، حيث فى شغلى العادى لم أكن أستطيع
الحصول هكذا على يوم أجازة منتظم كل أسبوع ! - بالنسبة لموضوع الفلوس ،
وعطفا على موضوع الروتين أيضا . بعد أسابيع قليلة من تولى مسئوليات تلك
الأشغال ، فوجئت بالعقيد يطلب منى الإشراف على ما يسمى بالكانتين .
يقصد بالإشراف أن يأتونى كل يوم بحصيلة النقود . معى لم تكن هناك أوراق أو
سجلات . فقط آخذ النقود ، ولا يسألنى عنها أحد ثانية أبدا . كنا
نشترى أشياء كثيرة كان يصعب الحصول عليها بالعثور على ’ كنوز ‘ أو ما
شابه . الإسمنت مثلا كان أكثر شىء يستنزف تلك الميزانية . لا أعرف كيف
كان يفكر العقيد فى بالضبط . هل كان يتخيل أن تلك النقود تفيض وآخذ الباقى
لنفسى ، وكان هو راضيا أن هذا نوع من الأجر نظير ما أقدمه . لا
أعرف ، سواء كان يفكر هكذا أم لا ، فالمؤكد أنه كان يزدرى النقود من
حيث المبدأ أيضا ، فقيمتها ليست على الورق ولا فى اكتنازها ، إنما
فيما تؤديه من فائدة على الأرض ، تجعل حياة الناس اليوم مهذبة وأفضل .
وكما قلت هو بطبعه بحبوح سمح وكريم ، ولا يصارع على شىء مادى لنفسه
أبدا . - يوم الترقية : قبيل نهاية
خدمتى بنحو شهرين كان العقيد نفسه على وشك الرحيل طويلا للقاهرة لدراسة أركان
حرب أو شىء كهذا . التفت لى فجأة وقال : ما هى رتبتك ؟ استغربت
للسؤال . ماذا تكون رتبتى ؟ عسكرى ! رد بسرعة وعنف : كيف
حدث هذا ؟ كيف لم تنبهنى من قبل ؟ عندما أغادر أعلم أن كل شىء سوف
ينتهى ، ساعتها ستفيدك الترقية ، لن أسمح أن يجعلوك تقف حراسة بالليل
إلى آخر هذا الكلام الفاضى . لو كنت ذكرتنى لكنت الآن أرقيك لرقيب لا
لعريف . أخدت أتمتم ، يا فندم كلنا ما كناش بنفكر فى حاجة غير الشغل
وبس ، والجيش لأى واحد فينا أيام تعدى على خير ، وأهى عدت وكانت
ممتازة وتمام . لكنى فى الواقع كنت أكلم نفسى ، حيث راح هو يصدر
تعليماته لضابط آخر إدارى يخصوص كتابة أمر الترقية فورا وإحضارة له
لتوقيعه ، وهكذا . فى الصباح التالى كان على أن أرتدى لأول مرة منذ
نحو سنة ، ذلك الحذاء الضخم ، واستيقظ فى موعد الطابور ، وأقف
فيه كما أى أحد آخر ، ثم أسمع اسمى ينادى عليه بأمر ترقية ، وأتقدم
لتحية للضابط الذى يقود الطابور أو ما شابه . لم يكن هناك أشرطة فعلا كى
توضع على ذراعى ، ولم يحدث أن اشتريتها أبدا . أقصى شىء فيما أذكر أن
اقترضتها من زميل ليوم واحد حتى أعمل صورة شخصية بها لزوم نهاية الخدمة ! - يوم الرحيل : أعطانى العقيد
ح . ف . كل مدة الشهرين اللذين سيغادر فيهما أجازة متصلة ، وبعرف
الجيش هذه مكافأة أكثر من ضخمة . وحجز لى مقعدا على طائرة ، وهى طبعا
من الطائرات العسكرية التى تفقد نصف سمعك فى كل مرة تركبها . فى اللحظة
الأخيرة ، قرر فجأة الذهاب لتوديعى بنفسه . فى هذا اليوم لم يركب
بجانب السائق حسب عادته كقائد لكل الموجودين حين يركب سيارة غير سيارته الملاكى
الصغيرة ، إنما جلس وكل من كانوا معنا ‑وهم عدد من الضباط‑
بالخلف فى ’ البوكس ‘ القماش . قال كلاما حميميا كثيرا لى .
ثم سألنى : ماذا استفدت من التجنيد ؟ الإجابة كانت جاهزة جدا ولا أعرف
كيف خرجت فى لحظة دون تفكير ودون إعداد مسبق : تعلمت أن لا شىء مستحيل ! كان
جالسا فى مواجهتى ، أو بالأحرى هو الذى أجلسنى فى مواجهته ، ولأول مرة
فى حياتى ، ولعلها من المرات النادرة فى كل حياته ، أرى فيها عينيه
وقد اغرورقتا بالدموع ! - المعسكر بدون العقيد حسين :
لم يمض من الشهرين عشرة أيام ، حتى كان قائد اللواء قد لاحظ غيابى ،
فأرسل لى خطابا يأمر فيه بقطع الإجازة والعودة . قالوا لى إنه هو نفسه كان
فى أجازة ، وبمجرد وصوله سأل عنى ، وأمر باستدعائى . ’ إيه
يا سى مدحت ، هو ما فيش شغل غير مع العقيد حسين ؟ ‘ ورددت بأدب
وصدق معا : ’ طبعا ما فيش حاجة اسمها كده يا
فندم ! ‘ . الكل كان يعرف أن هذا القائد كان
يتملكه نوع من الغيرة من رئيس عملياته ذى الشخصية الكاريزمية ، وكنت أعلم
أنه لا يهتم كثيرا بالأشغال التى كانت تمثل جل اهتمام هذا الأخير . مع ذلك
لم يخطر ببالى قط أن هذه كانت آخر كلمات بيننا ، فهو لم يطلبنى بعد ذلك على
وجه الإطلاق . من تلك اللحظة أصبحت مجندا تافها لأول مرة فى كل
تجنيدى . حتى الأشغال العادية التى يقوم بها الجنود ‑أو ضباط الصف
مثلى‑ العاديون ، لم يكن الضباط يكلفوننى بها . ربما حياء
ومراعاة للأيام الخوالى ولمكانتى فيها ، أو على الأقل افتراضا منهم أن
القائد نفسه هو الذى استدعانى ومن ثم هو المعنى بتكليفى بالأشغال أو أن لديه
أفكار خاصة لذلك . كان كل ما استطيع فعله هو أن أشاهد كل يوم فيلمين
أجنبيين ظهرا وليلا على شاشة القناة الثانية للتليڤزيون ( طبعا
أحيانا رغم أنف بعض العساكر الريفيين ‑باعتبارى ’ الباشمهندس ‘‑
ممن يريدون مواد عربية ، لكن على أية حال لم أكن لوحدى فهناك كثيرون ليس
حتى بالضرورة من ذوى التعليم المسمى بالعالى كطبيب الوحدة مثلا ، يشاركوننى
ذات الهواية ، وغيرنا بعض الشىء من عادات المشاهدة عند
الآخرين ! ) . ولحسن الحظ تلك كانت السنوات الذهبية للفيلم
الأجنبى على القناة الثانية ، هذا قبل أن يمنع لاحقا عرض الأفلام الكلاسية
على شاشتها بحجة أنها بالأبيض والأسود . لكن رغم ذلك مر الشهران ثقيلين جدا
لا شك . فمن شغل لا يهدأ ولا يتوقف ويصل لـ 24 ساعة يوميا أحيانا ،
إلى لا شىء تقريبا . كان هذا شيئا أقرب للتعذيب ! - يوم الاستدعاء : بعد نحو
ثلاثة أعوام جرى لنا استدعاء . قابلت مجدى فى ذات القطار المكيف الجميل
المتجه جنوبا . والمفروض بالطبع أن نقدم أنفسنا لتلك الكتيبة المجاورة
للمطار . كان يوم عيد القيامة المسيحى ، واتفقنا أن يكون أول ما نفعله
بمجرد النزول بالمحطة الاتصال بالعقيد فى بيته على الأقل لتهنئته بعيد شم
النسيم . لم نكن نقصد شيئا على وجه الإطلاق ، فقط عرفانا بالذكريات
وتأكيدا للحب والاحترام . رده كان مهذبا لكن ربما توقعنا فى داخلنا حرارة
أكثر منه . ختم المكالمة بأن حين تلوح لنا فرصة للخروج نأتى له فى قيادة
اللواء . شكرناه وذهبنا لحالنا . لم نجد ملابسنا التى تركناها ،
وكانت جديدة نسبيا ، أنا لم ألبس الحذاء الرسمى إلا نادرا ، وكنت قد
اشتريت آخر أوڤرول وكان لا يزال جديدا نسبيا حين سلمته . ومجدى كان
نادرا ما يستخدم هذه الأشياء أصلا ، أو يستخدمها فى رحلاته المكتبية ،
غير المشعثة كأشغالنا . المهم رضينا بالملابس القديمة الممزقة وآوينا للنوم
بعد يوم سفر طويل . فى السادسة صباحا أيقظونا . ما هذا الجنون ؟
الطوابير فى الثامنة والنصف . سرعان ما عرفنا أن ثمة زائرا مهما فى المعسكر
وطلب هذا الطابور . إنه العقيد ح . ف . ! فيما كنت أفهم هو
لم يكن يذهب لتلك الكتيبة أبدا . كان يرى من فيها من ضباط بلهاء
كسالى ، ومن يصنفهم هكذا يكون رد فعله نحوهم هو الازدراء والتحقير
والتجاهل . الناس كما قلنا إما أبيض وإما أسود . العساكر كما قلنا كان
يضربهم فى وجههم ، أما الضباط فكان يهزا بهم أمام الجنود ثم يقاطعهم ولا
شىء غير هذا . لا أعلم أى صواب أو خطأ فى كل ما
ذكرته عن أساليبه ، والأرجح أنها مرفوضة ، والمؤكد أنها لا تدرس فى أى
مكان . فقط أنا أرسم ملامح واقعية لشخصية أثرت فى كثيرا ، وأغلب
التأثير كان لا شعوريا ودون أن أدرى . كنت معجبا به وبإنجازاته وعمليته
وخلقه ، وكنت أعلم أنى عدت لشغلى القديم أكثر صرامة ، أصمم أكثر على
رفع مستويات المشتغلين معى ، والوصول بهم جميعا لآخر حدود قصوى يمكن أن
يكتشفوها فى أنفسهم . هذا كل شىء ولا شىء أكثر ، الجيش وحياته لم تكن
على أچندتى أبدا ، ناهيك عن أستقى منها مثلى الأعلى ، أو أن أحاول أن
أتشبه بحياة أى شخص منه حتى لو كان العقيد ح . ف . لكن بمرور
الزمن ، وبالذات حين أنشأت هذا الموقع ، وأصبحت أكتب فى أخلاقيات القدرة أو فى الأعراق البناءة وقاطعة الطريق أو فى الديكتاتورية العسكرية اليمينية كسبيل وحيد
للنهضات فى العالم أو حتى فى الإبادة ،
تكشف لى فجأة ، أن ربما كان ثمة
معطى آخر عابر نسبيا فى حياتى ، أثر فى بعمق لم أقدره فى حينه حق
قدره . أمام ذلك الطابور أخذ يسأل الضباط
عن إنجازاتهم . لم يكن يدعهم يكملون الإجابة حتى يسأل سؤالا آخر .
طبعا هو يعرف الإجابة سلفا ولا تعجبه . أخيرا قاطع إحدى تلك الإجابات برد
غريب حاد : أنتم لا فائدة منكم ، لقد علمت أن لديكم مجند تحت الاستدعاء
اسمه مدحت ، سوف يعلمكم خلال الأسابيع الثلاثة القادمة كيف تشتغلون وتصنعون
شيئا مفيدا فى حيواتكم . أين أنت يا هذا المدحت ؟ خرجت بسرعة لأؤدى له
التحية ، فإذا به لا يردها ، إنما يحتضننى بقوة ، ويصيح على مسمع
من الجميع ، أنا آسف جدا يا مدحت أن لم أحضر زفافك ( كنت قد أرسلت له
دعوة فى حينها ) . ثم جعلنى أسير بجواره والضباط خلفنا ، ويسألنى
أسئلة كثيرة من قبيل ماذا أفعل بهذا البئر الارتوازى كى تدب فيه الحياة من
جديد ، وطبعا لم أشأ أن أقول له إنها المرة الأولى فى حياتى التى أرى فيها
بئرا ارتوازيا ، فقد رنت فى أذنى آخر كلمة كنت قد قلتها له من قبل :
لا شىء مستحيل ! المهم أمضينا على هذا الحال نحو
نصف ساعة ، ثم على طريقته الفجائية صاح بالضباط : أنتم لا فائدة
منكم ، وخسارة أترك مدحت معكم ، أنا عاوزه عندى ، هات شنطتك
وتعال ، هو مجدى جه معاك ، هاته معاك ، فخرج مجدى لتحيته .
وفى لحظات كنا معه بالسيارة وتتحرك بنا هابطة الجبل . قبل الوصول لذلك
المعسكر الخلفى مقرى القديم ، قال لنا انزلوا فى الملحق ، هذا الذى
ذكرت أننا استصلحناه وحولناه لحديقة . قال لا أريد لأحد أن يراكما على هذه
الهيئة . ارتديا ملابسكما المدنية ، وتعالوا نشرب شيئا سويا ونرى ما
سنفعل . بالفعل رحنا نتفقد المكان ، ووجدنا الكثير من
الإنجازات ، أبرزها أن الطموح أصبح الآن البناء بالطوب الأحمر بعد حرقه
( ! ) ، وحييناه عليها ، حيث أنه قد واصلها بعد نهاية فترة
دراسته القاهرية . وهنا داعبنى بلطف فى صورة إغاظة : هو أنت فاكر أن
ما فيش غيرك ، وهنبطل لما أنت تمشى ؟ بعد قليل قال لنا اذهبا الآن
لمنازلكما ، وتعاليا لى فى آخر يوم للاستدعاء . الرجل لم يكن يحتاجنا
فعلا للشغل ، فقط كان يريد مكافأتنا على جهودنا القديمة . أعطانا
تذاكر مجانية بالقطار العادى . كان لا بد أن نستخدمها بعد قضاء يوم أو
يومين بأحد الفنادق ، فحجز تذاكر مكيفة فورية مستحيل . نزل مجدى فى
أسيوط ، وللأسف لم يقدر لنا أن نلتقى ثانية منذ لك الحين ، لا هو
وأنا ، ولا أنا والعقيد ح . ف . الذى لا أعرف ما هى آخر رتبة وصل
إليها ، وفقط كل ما أتمناه الآن أن يكون بعد حيا معافيا ومستمتعا بفترة
تقاعد هانئة ومثمرة . فقط أذكر آخر كلمة تماما
لمجدى : ربنا يستر ! 21
يوم من غير تصريح خروج ! … للمزيد من ذكرياتى الشخصية التى كتبتها
سابقا ، انظر هذا المدخل فى نفس
صفحة الجلوبة هذه ، وكذا هذا المدخل
فى صفحة ما بعد‑الإنسان … اكتب رأيك هنا 14 يونيو 2008 : تحية
للشعب الأيرلاندى العظيم لرفضه الحازم اليوم
لمشروع التحايل الجديد المسمى معاهدة لشبونة لإعادة تمرير مشروع الدستور
الأوروپى المأفون المدفون ، مؤكدا من جديد رفض شعوب أوروپا الدائم
للمخطط الشيوعى المراوغ المسمى بالوحدة الأوروپية ، المخطط الذى لم يستشرها
فيه أحد ، إنما أسستها أحزاب الأممية الخامسة رغما عن أنوف كل
شعوبها . منذ لحظة تأسيسها فى مطلع
التسعينيات قلنا إن مصير هذه الأممية لن يختلف عن مصير سابقاتها وهو التفكك
والإنحلال ، وإن كنا نطالب عادة بأن
تهب فورا الشعوب الأنجلو‑ساكسونية على نحو خاص ، ضد حكوماتها لتجبرها
على الانسحاب من هذه المؤامرة الشيوعية التى تهدد مستقبل وازدهار الحضارة
الإنسانية . … |
| FIRST
| PREVIOUS
| PART VI | NEXT | LATEST
|